تفسير ابن كثر - سورة البروج - الآية 9

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9) (البروج) mp3
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى " الَّذِي لَهُ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض " مِنْ تَمَام الصِّفَة إِنَّهُ الْمَالِك لِجَمِيعِ السَّمَوَات وَالْأَرْض وَمَا فِيهِمَا وَمَا بَيْنهمَا " وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيد " أَيْ لَا يَغِيب عَنْهُ شَيْء فِي جَمِيع السَّمَوَات وَالْأَرْض وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَة وَقَدْ اِخْتَلَفَ أَهْل التَّفْسِير فِي أَهْل هَذِهِ الْقِصَّة مَنْ هُمْ ؟ فَعَنْ عَلِيّ أَنَّهُمْ أَهْل فَارِس حِين أَرَادَ مَلِكهمْ تَحْلِيل تَزْوِيج الْمَحَارِم فَامْتَنَعَ عَلَيْهِمْ عُلَمَاؤُهُمْ فَعَمَدَ إِلَى حَفْر أُخْدُود فَقَذَفَ فِيهِ مَنْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ مِنْهُمْ وَاسْتَمَرَّ فِيهِمْ تَحْلِيل الْمَحَارِم إِلَى الْيَوْم . وَعَنْهُ أَنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا بِالْيَمَنِ اِقْتَتَلَ مُؤْمِنُوهُمْ وَمُشْرِكُوهُمْ فَغَلَبَ مُؤْمِنُوهُمْ عَلَى كُفَّارهمْ ثُمَّ اِقْتَتَلُوا فَغَلَبَ الْكُفَّار الْمُؤْمِنِينَ فَخَدُّوا لَهُمْ الْأَخَادِيد وَأَحْرَقُوهُمْ فِيهَا وَعَنْهُ أَنَّهُمْ كَانُوا مِنْ أَهْل الْحَبَشَة وَاحِدهمْ حَبَشِيّ وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس " قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود النَّار ذَات الْوُقُود " قَالَ نَاس مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل خَدُّوا أُخْدُودًا فِي الْأَرْض ثُمَّ أَوْقَدُوا فِيهِ نَارًا ثُمَّ أَقَامُوا عَلَى ذَلِكَ الْأُخْدُود رِجَالًا وَنِسَاء فَعُرِضُوا عَلَيْهَا وَزَعَمُوا أَنَّهُ دَانْيَال وَأَصْحَابه وَهَكَذَا قَالَ الضَّحَّاك بْن مُزَاحِم وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا عَفَّان حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ ثَابِت عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْب أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلكُمْ مَلِك وَكَانَ لَهُ سَاحِر فَلَمَّا كَبِرَ السَّاحِر قَالَ لِلْمَلِكِ إِنِّي قَدْ كَبِرَ سِنِّي وَحَضَرَ أَجَلِي فَادْفَعْ إِلَيَّ غُلَامًا لِأُعَلِّمهُ السِّحْر فَدَفَعَ إِلَيْهِ غُلَامًا كَانَ يُعَلِّمهُ السِّحْر , وَكَانَ بَيْن السَّاحِر وَبَيْن الْمَلِك رَاهِب فَأَتَى الْغُلَام عَلَى الرَّاهِب فَسَمِعَ مِنْ كَلَامه فَأَعْجَبَهُ نَحْوه وَكَلَامه وَكَانَ إِذَا أَتَى السَّاحِر ضَرَبَهُ وَقَالَ مَا حَبَسَك وَإِذَا أَتَى أَهْله ضَرَبُوهُ وَقَالُوا مَا حَبَسَك فَشَكَا ذَلِكَ إِلَى الرَّاهِب فَقَالَ إِذَا أَرَادَ السَّاحِر أَنْ يَضْرِبك فَقُلْ حَبَسَنِي أَهْلِي وَإِذَا أَرَادَ أَهْلُك أَنْ يَضْرِبُوك فَقُلْ حَبَسَنِي السَّاحِر قَالَ فَبَيْنَمَا هُوَ ذَات يَوْم إِذْ أَتَى عَلَى دَابَّة فَظِيعَة عَظِيمَة قَدْ حَبَسَتْ النَّاس فَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَجُوزُوا فَقَالَ الْيَوْم أَعْلَم أَمْر الرَّاهِب أَحَبّ إِلَى اللَّه أَمْ أَمْر السَّاحِر قَالَ فَأَخَذَ حَجَرًا فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ أَمْر الرَّاهِب أَحَبّ إِلَيْك وَأَرْضَى مِنْ السَّاحِر فَاقْتُلْ هَذِهِ الدَّابَّة حَتَّى يَجُوز النَّاس وَرَمَاهَا فَقَتَلَهَا وَمَضَى النَّاس فَأَخْبَرَ الرَّاهِب بِذَلِكَ فَقَالَ أَيْ بُنَيّ أَنْتَ أَفْضَل مِنِّي وَإِنَّك سَتُبْتَلَى فَإِنْ اُبْتُلِيت فَلَا تَدُلّ عَلَيَّ فَكَانَ الْغُلَام يُبْرِئ الْأَكْمَه وَالْأَبْرَص وَسَائِر الْأَدْوَاء وَيَشْفِيهِمْ وَكَانَ لِلْمَلِكِ جَلِيس فَعَمِيَ فَسَمِعَ بِهِ فَأَتَاهُ بِهَدَايَا كَثِيرَة فَقَالَ اِشْفِنِي وَلَك مَا هَاهُنَا أَجْمَع فَقَالَ مَا أَنَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَإِنْ آمَنْت بِهِ دَعَوْت اللَّه فَشَفَاك فَآمَنَ فَدَعَا اللَّه فَشَفَاهُ . ثُمَّ أَتَى الْمَلِك فَجَلَسَ مِنْهُ نَحْو مَا كَانَ يَجْلِس فَقَالَ لَهُ الْمَلِك يَا فُلَان مَنْ رَدَّ عَلَيْك بَصَرك ؟ فَقَالَ رَبِّي فَقَالَ أَنَا ؟ قَالَ لَا رَبِّي وَرَبّك اللَّه قَالَ وَلَك رَبّ غَيْرِي ؟ قَالَ نَعَمْ رَبِّي وَرَبّك اللَّه فَلَمْ يَزَلْ يُعَذِّبهُ حَتَّى دَلَّ عَلَى الْغُلَام فَبَعَثَ إِلَيْهِ فَقَالَ أَيْ بُنَيّ بَلَغَ مِنْ سِحْرك أَنْ تُبْرِئ الْأَكْمَه وَالْأَبْرَص وَهَذِهِ الْأَدْوَاء ؟ قَالَ مَا أَشْفِي أَحَدًا إِنَّمَا يَشْفِي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قَالَ أَنَا ؟ قَالَ لَا . قَالَ أَوَ لَك رَبّ غَيْرِي ؟ قَالَ رَبِّي وَرَبّك اللَّه فَأَخَذَهُ أَيْضًا بِالْعَذَابِ فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى دَلَّ عَلَى الرَّاهِب فَأَتَى بِالرَّاهِبِ فَقَالَ اِرْجِعْ عَنْ دِينك فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِنْشَار فِي مَفْرِق رَأْسه حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ وَقَالَ لِلْأَعْمَى اِرْجِعْ عَنْ دِينك فَأَبَى فَوَضَعَ الْمِنْشَار فِي مَفْرِق رَأْسه حَتَّى وَقَعَ شِقَّاهُ إِلَى الْأَرْض . وَقَالَ لِلْغُلَامِ اِرْجِعْ عَنْ دِينك فَأَبَى فَبَعَثَ بِهِ مَعَ نَفَر إِلَى جَبَل كَذَا وَكَذَا وَقَالَ إِذَا بَلَغْتُمْ ذِرْوَته فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينه وَإِلَّا فَدَهْدِهُوهُ فَذَهَبُوا بِهِ فَلَمَّا عَلَوْا بِهِ الْجَبَل قَالَ : اللَّهُمَّ اِكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْت فَرَجَفَ بِهِمْ الْجَبَل فَدُهْدِهُوا أَجْمَعُونَ وَجَاءَ الْغُلَام يَتَلَمَّس حَتَّى دَخَلَ عَلَى الْمَلِك فَقَالَ مَا فَعَلَ أَصْحَابك ؟ فَقَالَ كَفَانِيهِمْ اللَّه تَعَالَى فَبَعَثَ بِهِ مَعَ نَفَر فِي قُرْقُور فَقَالَ إِذَا لَجَجْتُمْ بِهِ الْبَحْر فَإِنْ رَجَعَ عَنْ دِينه وَإِلَّا فَغَرِّقُوهُ فِي الْبَحْر فَلَجَجُوا بِهِ الْبَحْر فَقَالَ الْغُلَام اللَّهُمَّ اِكْفِنِيهِمْ بِمَا شِئْت فَغَرِقُوا أَجْمَعُونَ وَجَاءَ الْغُلَام حَتَّى دَخَلَ عَلَى الْمَلِك فَقَالَ مَا فَعَلَ أَصْحَابك ؟ فَقَالَ كَفَانِيهِمْ اللَّه تَعَالَى . ثُمَّ قَالَ لِلْمَلِكِ : إِنَّك لَسْت بِقَاتِلِي حَتَّى تَفْعَل مَا آمُرك بِهِ فَإِنْ أَنْتَ فَعَلْت مَا آمُرك بِهِ قَتَلْتنِي وَإِلَّا فَإِنَّك لَا تَسْتَطِيع قَتْلِي قَالَ وَمَا هُوَ ؟ قَالَ تَجْمَع النَّاس فِي صَعِيد وَاحِد ثُمَّ تَصْلُبنِي عَلَى جِذْع وَتَأْخُذ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِي ثُمَّ قُلْ بِسْمِ اللَّه رَبّ الْغُلَام فَإِنَّك إِذَا فَعَلْت ذَلِكَ قَتَلْتنِي . فَفَعَلَ وَوَضَعَ السَّهْم فِي كَبِد قَوْسه ثُمَّ رَمَاهُ وَقَالَ بِسْمِ اللَّه رَبّ الْغُلَام فَوَقَعَ السَّهْم فِي صُدْغه فَوَضَعَ الْغُلَام يَده عَلَى مَوْضِع السَّهْم وَمَاتَ فَقَالَ النَّاس آمَنَّا بِرَبِّ الْغُلَام . فَقِيلَ لِلْمَلِكِ أَرَأَيْت مَا كُنْت تَحْذَر ؟ فَقَدْ وَاَللَّه نَزَلَ بِك قَدْ آمَنَ النَّاس كُلّهمْ فَأَمَرَ بِأَفْوَاهِ السِّكَك فَخُدَّتْ فِيهَا الْأَخَادِيد وَأُضْرِمَتْ فِيهَا النِّيرَان وَقَالَ مَنْ رَجَعَ عَنْ دِينه فَدَعُوهُ وَإِلَّا فَأَقْحِمُوهُ فِيهَا قَالَ فَكَانُوا يَتَعَادَوْنَ فِيهَا وَيَتَدَافَعُونَ فَجَاءَتْ اِمْرَأَة بِابْنٍ لَهَا تُرْضِعهُ فَكَأَنَّهَا تَقَاعَسَتْ أَنْ تَقَع فِي النَّار فَقَالَ الصَّبِيّ اِصْبِرِي يَا أُمَّاهُ فَإِنَّك عَلَى الْحَقّ . وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم فِي آخِر الصَّحِيح عَنْ هُدْبَة بْن خَالِد عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة بِهِ نَحْوه وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ عَنْ أَحْمَد بْن سَلْمَان عَنْ عُثْمَان عَنْ حَمَّاد بْن سَلَمَة وَمِنْ طَرِيق حَمَّاد بْن زَيْد كِلَاهُمَا عَنْ ثَابِت بِهِ وَاخْتَصَرُوا أَوَّله وَقَدْ جَوَّدَهُ الْإِمَام أَبُو عِيسَى التِّرْمِذِيّ فَرَوَاهُ فِي تَفْسِير هَذِهِ السُّورَة عَنْ مَحْمُود بْن غَيْلَان وَعَبْد بْن حُمَيْد - الْمَعْنَى وَاحِد - قَالَا أَخْبَرَنَا عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ ثَابِت الْبُنَانِيّ عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن أَبِي لَيْلَى عَنْ صُهَيْب قَالَ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْعَصْر هَمَسَ وَالْهَمْس فِي بَعْض قَوْلهمْ تَحْرِيك شَفَتَيْهِ كَأَنَّهُ يَتَكَلَّم فَقِيلَ لَهُ إِنَّك يَا رَسُول اللَّه إِذَا صَلَّيْت الْعَصْر هَمَسْت قَالَ " إِنَّ نَبِيًّا مِنْ الْأَنْبِيَاء كَانَ أَعْجَب بِأُمَّتِهِ فَقَالَ مَنْ يَقُوم لِهَؤُلَاءِ فَأَوْحَى اللَّه إِلَيْهِ أَنْ خَيِّرْهُمْ بَيْن أَنْ أَنْتَقِم مِنْهُمْ وَبَيْن أَنْ أُسَلِّط عَلَيْهِمْ عَدُوّهُمْ فَاخْتَارُوا النِّقْمَة فَسَلَّطَ اللَّه عَلَيْهِمْ الْمَوْت فَمَاتَ مِنْهُمْ فِي يَوْم سَبْعُونَ أَلْفًا " قَالَ وَكَانَ إِذَا حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيث حَدَّثَ بِهَذَا الْحَدِيث الْآخَر قَالَ : كَانَ مَلِك مِنْ الْمُلُوك وَكَانَ لِذَلِكَ الْمَلِك كَاهِن يَتَكَهَّن لَهُ فَقَالَ الْكَاهِن اُنْظُرُوا لِي غُلَامًا فَهِمًا أَوْ قَالَ فَطِنًا لَقِنًا فَأُعَلِّمهُ عِلْمِي هَذَا فَذَكَرَ الْقِصَّة بِتَمَامِهَا وَقَالَ فِي آخِره يَقُول اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود النَّار ذَات الْوُقُود - حَتَّى بَلَغَ - الْعَزِيز الْحَمِيد " قَالَ فَأَمَّا الْغُلَام فَإِنَّهُ دُفِنَ فَيُذْكَر أَنَّهُ أُخْرِجَ فِي زَمَان عُمَر بْن الْخَطَّاب وَأُصْبُعه عَلَى صُدْغه كَمَا وَضَعَهَا حِين قُتِلَ ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيّ حَسَن غَرِيب . وَهَذَا السِّيَاق لَيْسَ فِيهِ صَرَاحَة أَنَّ سِيَاق هَذِهِ الْقِصَّة مِنْ كَلَام النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ شَيْخنَا الْحَافِظ أَبُو الْحَجَّاج الْمِزِّيّ : فَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون مِنْ كَلَام صُهَيْب الرُّومِيّ فَإِنَّهُ كَانَ عِنْده عِلْم مِنْ أَخْبَار النَّصَارَى وَاَللَّه أَعْلَم. وَقَدْ أَوْرَدَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق بْن يَسَار هَذِهِ الْقِصَّة فِي السِّيرَة بِسِيَاقٍ آخَر فِيهَا مُخَالَفَة لِمَا تَقَدَّمَ فَقَالَ حَدَّثَنِي يَزِيد بْن زِيَاد عَنْ مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَحَدَّثَنِي أَيْضًا بَعْض أَهْل نَجْرَان عَنْ أَهْلهَا أَنَّ أَهْل نَجْرَان كَانُوا أَهْل شِرْك يَعْبُدُونَ الْأَوْثَان وَكَانَ فِي قَرْيَة مِنْ قُرَاهَا قَرِيبًا مِنْ نَجْرَان - وَنَجْرَان هِيَ الْقَرْيَة الْعُظْمَى الَّتِي إِلَيْهَا جُمَّاع أَهْل تِلْكَ الْبِلَاد - سَاحِر يُعَلِّم غِلْمَان أَهْل نَجْرَان السِّحْر فَلَمَّا نَزَلَهَا فيمون وَلَمْ يُسَمُّوهُ لِي بِالِاسْمِ الَّذِي سَمَّاهُ اِبْن مُنَبِّه قَالُوا نَزَلَهَا رَجُل فَابْتَنَى خَيْمَة بَيْن نَجْرَان وَبَيْن تِلْكَ الْقَرْيَة الَّتِي فِيهَا السَّاحِر وَجَعَلَ أَهْل نَجْرَان يُرْسِلُونَ غِلْمَانهمْ إِلَى ذَلِكَ السَّاحِر يُعَلِّمهُمْ السِّحْر فَبَعَثَ التَّامِر اِبْنه عَبْد اللَّه بْن التَّامِر مَعَ غِلْمَان أَهْل نَجْرَان فَكَانَ إِذَا مَرَّ بِصَاحِبِ الْخَيْمَة أَعْجَبَهُ مَا يَرَى مِنْ عِبَادَته وَصَلَاته فَجَعَلَ يَجْلِس إِلَيْهِ وَيَسْمَع مِنْهُ حَتَّى أَسْلَمَ فَوَحَّدَ اللَّه وَعَبَدَهُ وَجَعَلَ يَسْأَلهُ عَنْ شَرَائِع الْإِسْلَام حَتَّى إِذَا فَقِهَ فِيهِ جَعَلَ يَسْأَلهُ عَنْ الِاسْم الْأَعْظَم وَكَانَ يَعْلَمهُ فَكَتَبَهُ إِيَّاهُ وَقَالَ لَهُ يَا اِبْن أَخِي إِنَّك لَنْ تَحْمِلهُ أَخْشَى ضَعْفك عَنْهُ وَالتَّامِر أَبُو عَبْد اللَّه لَا يَظُنّ إِلَّا أَنَّ اِبْنه يَخْتَلِف إِلَى السَّاحِر كَمَا يَخْتَلِف الْغِلْمَان فَلَمَّا رَأَى عَبْد اللَّه أَنَّ صَاحِبه قَدْ ضَنَّ بِهِ عَنْهُ وَتَخَوَّفَ ضَعْفه فِيهِ عَمَدَ إِلَى أَقْدَاح فَجَمَعَهَا ثُمَّ لَمْ يُبْقِ لِلَّهِ اِسْمًا يَعْلَمهُ إِلَّا كَتَبَهُ فِي قَدَح لِكُلِّ اِسْم قَدَح حَتَّى إِذَا أَحْصَاهَا أَوْقَدَ نَارًا ثُمَّ جَعَلَ يَقْذِفهَا فِيهَا قَدَحًا قَدَحًا حَتَّى إِذَا مَرَّ بِالِاسْمِ الْأَعْظَم قَذَفَ فِيهَا بِقَدَحِهِ فَوَثَبَ الْقَدَح حَتَّى خَرَجَ مِنْهَا لَمْ يَضُرّهُ شَيْء فَأَخَذَهُ ثُمَّ أَتَى بِهِ صَاحِبه فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ الِاسْم الْأَعْظَم الَّذِي قَدْ كَتَبَهُ فَقَالَ وَمَا هُوَ ؟ قَالَ هُوَ كَذَا وَكَذَا قَالَ وَكَيْف عَلِمْته ؟ فَأَخْبَرَهُ بِمَا صَنَعَ فَقَالَ أَيْ اِبْن أَخِي قَدْ أَصَبْته فَأَمْسِكْ عَلَى نَفْسك وَمَا أَظُنّ أَنْ تَفْعَل فَجَعَلَ عَبْد اللَّه بْن التَّامِر إِذَا دَخَلَ نَجْرَان لَمْ يَلْقَ أَحَدًا بِهِ ضُرّ إِلَّا قَالَ لَهُ يَا عَبْد اللَّه أَتُوَحِّدُ اللَّه وَتَدْخُل فِي دِينِي وَأَدْعُو اللَّه لَك فَيُعَافِيك مِمَّا أَنْتَ فِيهِ مِنْ الْبَلَاء ؟ فَيَقُول نَعَمْ فَيُوَحِّد اللَّه وَيُسْلِم فَيَدْعُو اللَّه لَهُ فَيُشْفَى حَتَّى لَمْ يَبْقَ بِنَجْرَان أَحَد بِهِ ضُرّ إِلَّا أَتَاهُ فَاتَّبَعَهُ عَلَى أَمْره وَدَعَا لَهُ فَعُوفِيَ حَتَّى رُفِعَ شَأْنه إِلَى مَلِك نَجْرَان فَدَعَاهُ فَقَالَ لَهُ أَفْسَدْت عَلَيَّ أَهْل قَرْيَتِي وَخَالَفْت دِينِي وَدِين آبَائِي لَأُمَثِّلَن بِك قَالَ لَا تَقْدِر عَلَى ذَلِكَ قَالَ فَجَعَلَ يُرْسِل بِهِ إِلَى الْجَبَل الطَّوِيل فَيُطْرَح عَلَى رَأْسه فَيَقَع إِلَى الْأَرْض مَا بِهِ بَأْس وَجَعَلَ يُبْعَث بِهِ إِلَى مِيَاه بِنَجْرَان بُحُور لَا يُلْقَى فِيهَا شَيْء إِلَّا هَلَكَ فَيُلْقَى بِهِ فِيهَا فَيَخْرُج لَيْسَ بِهِ بَأْس فَلَمَّا غَلَبَهُ قَالَ لَهُ عَبْد اللَّه بْن التَّامِر إِنَّك وَاَللَّه لَا تَقْدِر عَلَى قَتْلِي حَتَّى تُؤْمِن بِمَا آمَنْت بِهِ وَتُوَحِّد اللَّه فَإِنَّك إِنْ فَعَلْت سُلِّطْت عَلَيَّ فَقَتَلْتنِي قَالَ فَوَحَّدَ اللَّه ذَلِكَ الْمَلِك وَشَهِدَ شَهَادَة عَبْد اللَّه بْن التَّامِر ثُمَّ ضَرَبَهُ بِعَصًا فِي يَده فَشَجَّهُ شَجَّة غَيْر كَبِيرَة فَقَتَلَهُ وَهَلَكَ الْمَلِك مَكَانه وَاسْتَجْمَعَ أَهْل نَجْرَان عَلَى دِين عَبْد اللَّه بْن التَّامِر وَكَانَ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ عِيسَى اِبْن مَرْيَم عَلَيْهِ السَّلَام مِنْ الْإِنْجِيل وَحُكْمه ثُمَّ أَصَابَهُمْ مَا أَصَابَ أَهْل دِينهمْ مِنْ الْأَحْدَاث فَمِنْ هُنَالِكَ كَانَ أَصْل دِين النَّصْرَانِيَّة بِنَجْرَان . قَالَ اِبْن إِسْحَاق فَهَذَا حَدِيث مُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَبَعْض أَهْل نَجْرَان عَنْ عَبْد اللَّه بْن التَّامِر فَاَللَّه أَعْلَم أَيّ ذَلِكَ كَانَ قَالَ فَسَارَ إِلَيْهِمْ ذُو نُوَاس بِجُنْدِهِ فَدَعَاهُمْ إِلَى الْيَهُودِيَّة وَخَيَّرَهُمْ بَيْن ذَلِكَ أَوْ الْقَتْل فَاخْتَارُوا الْقَتْل فَخَدَّ الْأُخْدُود فَحَرَّقَ بِالنَّارِ وَقَتَلَ بِالسَّيْفِ وَمَثَّلَ بِهِمْ حَتَّى قَتَلَ مِنْهُمْ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ أَلْفًا فَفِي ذِي نُوَاس وَجُنْده أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُوله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود النَّار ذَات الْوَقُود إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُود وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُود وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ الْعَزِيز الْحَمِيد الَّذِي لَهُ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيد " هَكَذَا ذَكَرَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق فِي السِّيرَة أَنَّ الَّذِي قَتَلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود هُوَ ذُو نُوَاس وَاسْمه زُرْعَة وَيُسَمَّى فِي زَمَان مَمْلَكَته بِيُوسُف وَهُوَ اِبْن بَيَان أَسْعَد أَبِي كُرَيْب وَهُوَ تُبَّع الَّذِي غَزَا الْمَدِينَة وَكَسَا الْكَعْبَة وَاسْتَصْحَبَ مَعَهُ حَبْرَيْنِ مِنْ يَهُود الْمَدِينَة فَكَانَ تَهَوَّدَ مَنْ تَهَوَّدَ مِنْ أَهْل الْيَمَن عَلَى يَدَيْهِمَا كَمَا ذَكَرَهُ اِبْن إِسْحَاق مَبْسُوطًا فَقَتَلَ ذُو نُوَاس فِي غَدَاة وَاحِدَة فِي الْأُخْدُود عِشْرِينَ أَلْفًا وَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ سِوَى رَجُل وَاحِد يُقَال لَهُ دَوْس ذُو ثُعْلُبَان ذَهَبَ فَارِسًا وَطَرَدُوا وَرَاءَهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ فَذَهَبَ إِلَى قَيْصَر مَلِك الشَّام فَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيّ مَلِك الْحَبَشَة فَأَرْسَلَ مَعَهُ جَيْشًا مِنْ نَصَارَى الْحَبَشَة يَقْدُمهُمْ أَرْيَاط وَأَبْرَهَة فَاسْتَنْقَذُوا الْيَمَن مِنْ أَيْدِي الْيَهُود وَذَهَبَ ذُو نُوَاس هَارِبًا فَلَجَجَ فِي الْبَحْر فَغَرِقَ وَاسْتَمَرَّ مُلْك الْحَبَشَة فِي أَيْدِي النَّصَارَى سَبْعِينَ سَنَة ثُمَّ اِسْتَنْقَذَهُ سَيْف بْن ذِي يَزَن الْحِمْيَرِيّ مِنْ أَيْدِي النَّصَارَى لَمَّا اِسْتَجَاشَ بِكَسْرَى مَلِك الْفُرْس فَأَرْسَلَ مَعَهُ مَنْ فِي السُّجُون فَكَانُوا قَرِيبًا مِنْ سَبْعمِائَةٍ فَفَتَحَ بِهِمْ الْيَمَن وَرَجَعَ الْمُلْك إِلَى حِمْيَر وَسَنَذْكُرُ طَرَفًا مِنْ ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّه فِي تَفْسِير سُورَة " أَلَمْ تَرَ كَيْف فَعَلَ رَبّك بِأَصْحَابِ الْفِيل" وَقَالَ اِبْن إِسْحَاق وَحَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر بْن مُحَمَّد بْن عَمْرو بْن حَزْم أَنَّهُ حَدَّثَ أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْل نَجْرَان كَانَ فِي زَمَان عُمَر بْن الْخَطَّاب حَفَرَ خَرِبَة مِنْ خَرِب نَجْرَان لِبَعْضِ حَاجَته فَوَجَدَ عَبْد اللَّه بْن التَّامِر تَحْت دَفْن فِيهَا قَاعِدًا وَاضِعًا يَده عَلَى ضَرْبَة فِي رَأْسه مُمْسِكًا عَلَيْهَا بِيَدِهِ فَإِذَا أُخِذَتْ يَده عَنْهَا تَنْبَعِث دَمًا وَإِذَا أُرْسِلَتْ يَده رُدَّتْ عَلَيْهَا فَأَمْسَكَتْ دَمهَا وَفِي يَده خَاتَم مَكْتُوب فِيهِ رَبِّي اللَّه فَكَتَبَ فِيهِ إِلَى عُمَر بْن الْخَطَّاب يُخْبِرهُ بِأَمْرِهِ فَكَتَبَ عُمَر إِلَيْهِمْ أَنْ أَقِرُّوهُ عَلَى حَاله وَرُدُّوا عَلَيْهِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ فَفَعَلُوا . وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْر عَبْد اللَّه بْن مُحَمَّد بْن أَبِي الدُّنْيَا رَحِمَهُ اللَّه حَدَّثَنَا أَبُو بِلَال الْأَشْعَرِيّ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن مُحَمَّد عَنْ عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن أَبِي طَالِب حَدَّثَنِي بَعْض أَهْل الْعِلْم أَنَّ أَبَا مُوسَى لَمَّا اِفْتَتَحَ أَصْبَهَان وَجَدَ حَائِطًا مِنْ حِيطَان الْمَدِينَة قَدْ سَقَطَ فَبَنَاهُ فَسَقَطَ ثُمَّ بَنَاهُ فَسَقَطَ فَقِيلَ لَهُ إِنَّ تَحْته رَجُلًا صَالِحًا فَحَفَرَ الْأَسَاس فَوَجَدَ فِيهِ رَجُلًا قَائِمًا مَعَهُ سَيْف فِيهِ مَكْتُوب أَنَا الْحَارِث بْن مُضَاض نَقَمْت عَلَى أَصْحَاب الْأُخْدُود فَاسْتَخْرَجَهُ أَبُو مُوسَى وَبَنَى الْحَائِط فَثَبَتَ " قُلْت " هُوَ الْحَارِث بْن مُضَاض بْن عَمْرو بْن مُضَاض بْن عَمْرو الْجُرْهُمِيّ أَحَد مُلُوك جُرْهُم الَّذِينَ وُلُّوا أَمْر الْكَعْبَة بَعْد وَلَد ثَابِت بْن إِسْمَاعِيل بْن إِبْرَاهِيم وَوَلَد الْحَارِث هَذَا هُوَ عَمْرو بْن الْحَارِث بْن مُضَاض هُوَ آخِر مُلُوك جُرْهُم بِمَكَّة لَمَّا أَخْرَجَتْهُمْ خُزَاعَة وَأَجْلَوْهُمْ إِلَى الْيَمَن وَهُوَ الْقَائِل فِي شِعْره الَّذِي قَالَ اِبْن هِشَام إِنَّهُ أَوَّل شِعْر قَالَتْهُ الْعَرَب : كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بَيْن الْحَجُون إِلَى الصَّفَا أَنِيس وَلَمْ يَسْمُر بِمَكَّة سَامِر بَلَى نَحْنُ كُنَّا أَهْلهَا فَأَبَادَنَا صُرُوف اللَّيَالِي وَالْجُدُود الْعَوَاثِر وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّة كَانَتْ قَدِيمًا بَعْد زَمَان إِسْمَاعِيل عَلَيْهِ السَّلَام بِقُرْب مِنْ خَمْسمِائَةِ سَنَة أَوْ نَحْوهَا وَمَا ذَكَرَهُ اِبْن إِسْحَاق يَقْتَضِي أَنَّ قِصَّتهمْ كَانَتْ فِي زَمَان الْفَتْرَة الَّتِي بَيْن عِيسَى وَمُحَمَّد عَلَيْهِمَا مِنْ اللَّه السَّلَام وَهُوَ أَشْبَه وَاَللَّه أَعْلَم وَقَدْ يَحْتَمِل أَنَّ ذَلِكَ قَدْ وَقَعَ فِي الْعَالَم كَثِيرًا كَمَا قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَان أَخْبَرَنَا صَفْوَان عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن جُبَيْر قَالَ كَانَتْ الْأُخْدُود فِي الْيَمَن زَمَان تُبَّع وَفِي الْقُسْطَنْطِينِيَّة زَمَان قُسْطَنْطِين حِين صَرَفَ النَّصَارَى قِبْلَتهمْ عَنْ دِين الْمَسِيح وَالتَّوْحِيد فَاتَّخَذَ أَتُّونًا وَأَلَقَى فِيهِ النَّصَارَى الَّذِينَ كَانُوا عَلَى دِين الْمَسِيح وَالتَّوْحِيد وَفِي الْعِرَاق فِي أَرْض بَابِل بُخْتنَصَّر الَّذِي صَنَعَ الصَّنَم وَأَمَرَ النَّاس أَنْ يَسْجُدُوا لَهُ فَامْتَنَعَ دَانْيَال وَصَاحِبَاهُ عزريا وميشائيل فَأَوْقَدَ لَهُمْ أَتُّونًا وَأَلْقَى فِيهِ الْحَطَب وَالنَّار ثُمَّ أَلْقَاهُمَا فِيهِ فَجَعَلَهَا اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِمَا بَرْدًا وَسَلَامًا وَأَنْقَذَهُمَا مِنْهَا وَأَلْقَى فِيهَا الَّذِينَ بَغَوْا عَلَيْهِ وَهُمْ تِسْعَة رَهْط فَأَكَلَتْهُمْ النَّار وَقَالَ أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله تَعَالَى " قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود " قَالَ كَانَتْ الْأُخْدُود ثَلَاثَة : خَدّ بِالْعِرَاقِ وَخَدّ بِالشَّامِ وَخَدّ بِالْيَمَنِ. رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم وَعَنْ مُقَاتِل قَالَ كَانَتْ الْأُخْدُود ثَلَاثَة : وَاحِدَة بِنَجْرَان بِالْيَمَنِ وَالْأُخْرَى بِالشَّامِ وَالْأُخْرَى بِفَارِس حَرَّقُوا بِالنَّارِ أَمَّا الَّتِي بِالشَّامِ فَهُوَ أنطنايوس الرُّومِيّ وَأَمَّا الَّتِي بِفَارِس فَهُوَ بُخْتُنَصَّرَ وَأَمَّا الَّتِي بِأَرْضِ الْعَرَب فَهُوَ يُوسُف ذُو نُوَاس فَأَمَّا الَّتِي بِفَارِس وَالشَّام فَلَمْ يُنْزِل اللَّه تَعَالَى فِيهِمْ قُرْآنًا وَأَنْزَلَ فِي الَّتِي كَانَتْ بِنَجْرَان وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبِي حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن عَبْد الرَّحْمَن الدَّشْتَكِيّ حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر عَنْ أَبِيهِ عَنْ الرَّبِيع هُوَ اِبْن أَنَس فِي قَوْله تَعَالَى " قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود" قَالَ سَمِعْنَا أَنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فِي زَمَان الْفَتْرَة فَلَمَّا رَأَوْا مَا وَقَعَ فِي النَّاس مِنْ الْفِتْنَة وَالشَّرّ وَصَارُوا أَحْزَابًا كُلّ حِزْب بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ اِعْتَزَلُوا إِلَى قَرْيَة سَكَنُوهَا وَأَقَامُوا عَلَى عِبَادَة اللَّه مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّين حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاة وَيُؤْتُوا الزَّكَاة فَكَانَ هَذَا أَمْرهمْ حَتَّى سَمِعَ بِهِمْ جَبَّار مِنْ الْجَبَّارِينَ وَحُدِّثَ حَدِيثهمْ فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَعْبُدُوا الْأَوْثَان الَّتِي اِتَّخَذُوا وَأَنَّهُمْ أَبَوْا عَلَيْهِ كُلّهمْ وَقَالُوا لَا نَعْبُد إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ فَقَالَ لَهُمْ إِنْ لَمْ تَعْبُدُوا هَذِهِ الْآلِهَة الَّتِي عَبَدْت فَإِنِّي قَاتِلكُمْ فَأَبَوْا عَلَيْهِ فَخَدَّ أُخْدُودًا مِنْ نَار وَقَالَ لَهُمْ الْجَبَّار وَقَفَهُمْ عَلَيْهَا اِخْتَارُوا هَذِهِ أَوْ الَّذِي نَحْنُ فِيهِ فَقَالُوا هَذِهِ أَحَبّ إِلَيْنَا وَفِيهِمْ نِسَاء وَذُرِّيَّة فَفَزِعَتْ الذُّرِّيَّة فَقَالُوا لَهُمْ أَيْ آبَاؤُهُمْ لَا نَار مِنْ بَعْد الْيَوْم فَوَقَعُوا فِيهَا فَقُبِضَتْ أَرْوَاحهمْ مِنْ قَبْل أَنْ يَمَسّهُمْ حَرّهَا وَخَرَجَتْ النَّار مِنْ مَكَانهَا فَأَحَاطَتْ بِالْجَبَّارِينَ فَأَحْرَقَهُمْ اللَّه بِهَا فَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ" قُتِلَ أَصْحَاب الْأُخْدُود النَّار ذَات الْوُقُود إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُود وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُود وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ الْعَزِيز الْحَمِيد الَّذِي لَهُ مُلْك السَّمَوَات وَالْأَرْض وَاَللَّه عَلَى كُلّ شَيْء شَهِيد " وَرَوَاهُ اِبْن جَرِير حُدِّثْت عَنْ عَمَّار عَنْ عَبْد اللَّه بْن أَبِي جَعْفَر بِهِ نَحْوه .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • مختصر الإنصاف والشرح الكبير

    مختصر الإنصاف والشرح الكبير : الناظر في مؤلفات الإمام المجدد - رحمه الله - يرى أنها على قسمين: منها ماألفه ابتداءً، ومنها ما اختصره من أصولة المطولة لتيسير الانتفاع به، وقد اتجهت الرغبة منه - رحمه الله - إلى اختصار كتابين من أشهر وأوسع ماصنف في الفقه الحنبلي لما رأي في زمنه من الحاجة لذلك. هذان الكتابان هما: الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف؛ للعلامة المرادوي ت 885 هـ. والثاني: الشرح الكبير لأبي الفرج ابن قدامة المقدسي ت 682 هـ. وكلا الكتابين شرح لكتاب المقنع لموفق الدين عبد الله بن قدامة المقدسي ت 620هـ، وتم ما أراده بمختصر لطيف بدأ كل بابمنه بما اختاره من الشرح وختمه بما استدركه من الإنصاف.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/264147

    التحميل:

  • مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر

    مفهوم التفسير والتأويل والاستنباط والتدبر والمفسر : يهدف هذا الكتاب إلى تحرير بعض المصطلحات المتعلقة بعلوم القرآن، مثل مصطلح المفسر، والفرق بين مصطلح علوم القرآن ومصطلح أصول التفسير.

    الناشر: دار ابن الجوزي للنشر والتوزيع www.aljawzi.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/291775

    التحميل:

  • المسودة في أصول الفقه

    المسودة في أصول الفقه : تتابع على تصنيفه ثلاثة من أئمة آل تيمية: 1- مجد الدين أبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن الخضر. 2- شهاب الدين أبو المحاسن عبد الحليم بن عبد السلام. 3- شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام.

    المدقق/المراجع: محمد محيى الدين عبد الحميد

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/273062

    التحميل:

  • التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية

    التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية : أصل هذا الكتاب كان رسالة تقدم بها المؤلف لنيل درجة التخصص - الماجستير - من كلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، بإشراف فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي - رحمه الله -.

    الناشر: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع بالرياض

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/314801

    التحميل:

  • وظائف رمضان

    وظائف رمضان : مختصرٌ لطيفٌ في وظائفِ هذا الموسمِ الشريف، يبعثُ الهمَمَ إلى التَّعرُّضِ للنَّفَحَاتِ، ويُثيرُ العزمَ إلى أشرفِ الأوقاتِ، لخصه الشيخ - رحمه الله - من كتاب لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، للعلامة ابن رجب الحنبلي - رحمه الله -.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/71231

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة