تفسير ابن كثر - سورة النساء - الآية 171

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ ۚ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَىٰ مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ ۖ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ۖ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ ۚ انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ ۚ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ۘ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) (النساء) mp3
يَنْهَى تَعَالَى أَهْل الْكِتَاب عَنْ الْغُلُوّ وَالْإِطْرَاء وَهَذَا كَثِير فِي النَّصَارَى فَإِنَّهُمْ تَجَاوَزُوا الْحَدّ فِي عِيسَى حَتَّى رَفَعُوهُ فَوْق الْمَنْزِلَة الَّتِي أَعْطَاهُ اللَّه إِيَّاهَا فَنَقَلُوهُ مِنْ حَيِّز النُّبُوَّة إِلَى أَنْ اِتَّخَذُوهُ إِلَهًا مِنْ دُون اللَّه يَعْبُدُونَهُ كَمَا يَعْبُدُونَهُ . بَلْ قَدْ غَلَوْا فِي أَتْبَاعه وَأَشْيَاعه مِمَّنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَلَى دِينه فَادَّعَوْا فِيهِمْ الْعِصْمَة وَاتَّبَعُوهُمْ فِي كُلّ مَا قَالُوهُ سَوَاء كَانَ حَقًّا أَوْ بَاطِلًا أَوْ ضَلَالًا أَوْ رَشَادًا أَوْ صَحِيحًا أَوْ كَذِبًا وَلِهَذَا قَالَ اللَّه تَعَالَى " اِتَّخَذُوا أَحْبَارهمْ وَرُهْبَانهمْ أَرْبَابًا مِنْ دُون اللَّه " الْآيَة. وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا هُشَيْم قَالَ زَعَمَ الزُّهْرِيّ عَنْ عُبَيْد اللَّه بْن عَبْد اللَّه بْن عُتْبَة بْن مَسْعُود عَنْ اِبْن عَبَّاس عَنْ عُمَر أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى اِبْن مَرْيَم فَإِنَّمَا أَنَا عَبْد فَقُولُوا عَبْد اللَّه وَرَسُوله " ثُمَّ رَوَاهُ هُوَ وَعَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَنْ الزُّهْرِيّ كَذَلِكَ وَلَفْظه " إِنَّمَا أَنَا عَبْد فَقُولُوا عَبْد اللَّه وَرَسُوله " وَقَالَ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ هَذَا حَدِيث صَحِيح مُسْنَد وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ عَنْ الْحُمَيْدِيّ عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَة عَنْ الزُّهْرِيّ بِهِ وَلَفْظه " فَإِنَّمَا أَنَا عَبْد فَقُولُوا عَبْد اللَّه وَرَسُوله " وَقَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا حَسَن بْن مُوسَى حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ ثَابِت الْبُنَانِيّ عَنْ أَنَس بْن مَالِك أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَا مُحَمَّد يَا سَيِّدنَا وَابْن سَيِّدنَا وَخَيْرنَا وَابْن خَيْرنَا فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَيّهَا النَّاس عَلَيْكُمْ بِقَوْلِكُمْ وَلَا يَسْتَهْوِيَنكُمْ الشَّيْطَان أَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه عَبْد اللَّه وَرَسُوله وَاَللَّه مَا أُحِبّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْق مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْه . وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّه إِلَّا الْحَقّ " أَيْ لَا تَفْتَرُوا عَلَيْهِ وَتَجْعَلُوا لَهُ صَاحِبَة وَوَلَدًا تَعَالَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا وَتَنَزَّهَ وَتَقَدَّسَ وَتَوَحَّدَ فِي سُؤْدُده وَكِبْرِيَائِهِ وَعَظَمَته فَلَا إِلَه إِلَّا هُوَ وَلَا رَبّ سِوَاهُ وَلِهَذَا قَالَ " إِنَّمَا الْمَسِيح عِيسَى اِبْن مَرْيَم رَسُول اللَّه وَكَلِمَته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وَرُوح مِنْهُ " أَيْ إِنَّمَا هُوَ عَبْد مِنْ عِبَاد اللَّه وَخَلْق مِنْ خَلْقه قَالَ لَهُ كُنْ فَكَانَ وَرَسُول مِنْ رُسُله وَكَلِمَته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم أَيْ خَلَقَهُ بِالْكَلِمَةِ الَّتِي أَرْسَلَ بِهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام إِلَى مَرْيَم فَنَفَخَ فِيهَا مِنْ رُوحه بِإِذْنِ رَبّه عَزَّ وَجَلَّ فَكَانَ عِيسَى بِإِذْنِهِ عَزَّ وَجَلَّ وَكَانَتْ تِلْكَ النَّفْخَة الَّتِي نَفَخَهَا فِي جَيْب دِرْعهَا فَنَزَلَتْ حَتَّى وَلَجَتْ فَرْجهَا بِمَنْزِلَةِ لِقَاح الْأَب وَالْأُمّ وَالْجَمِيع مَخْلُوق لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِهَذَا قِيلَ لِعِيسَى إِنَّهُ كَلِمَة اللَّه وَرُوح مِنْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَب تَوَلَّدَ مِنْهُ وَإِنَّمَا هُوَ نَاشِئ عَنْ الْكَلِمَة الَّتِي قَالَ لَهُ بِهَا كُنْ فَكَانَ وَالرُّوح الَّتِي أَرْسَلَ بِهَا جِبْرِيل. قَالَ اللَّه تَعَالَى " مَا الْمَسِيح اِبْن مَرْيَم إِلَّا رَسُول قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْله الرُّسُل وَأُمّه صِدِّيقَة كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَام " وَقَالَ تَعَالَى" إِنَّ مَثَل عِيسَى عِنْد اللَّه كَمَثَلِ آدَم خَلَقَهُ مِنْ تُرَاب ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُون" وَقَالَ تَعَالَى " وَاَلَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنهَا آيَة لِلْعَالَمِينَ " وَقَالَ تَعَالَى " وَمَرْيَم اِبْنَة عِمْرَان الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجهَا " إِلَى آخِر السُّورَة وَقَالَ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ الْمَسِيح " إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْد أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ " الْآيَة وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق عَنْ مَعْمَر عَنْ قَتَادَة " وَكَلِمَته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وَرُوح مِنْهُ " هُوَ كَقَوْلِهِ " كُنْ فَيَكُون " وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن سِنَان الْوَاسِطِيّ قَالَ سَمِعْت شَاذَان بْن يَحْيَى يَقُول فِي قَوْل اللَّه " وَكَلِمَته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وَرُوح مِنْهُ " قَالَ لَيْسَ الْكَلِمَة صَارَتْ عِيسَى وَلَكِنْ بِالْكَلِمَةِ صَارَ عِيسَى وَهَذَا أَحْسَن مِمَّا اِدَّعَاهُ اِبْن جَرِير فِي قَوْله " أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم " أَيْ أَعْلَمَهَا بِهَا كَمَا زَعَمَهُ فِي قَوْله " إِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِنَّ اللَّه يُبَشِّرك بِكَلِمَةٍ مِنْهُ " أَيْ يُعْلِمك بِكَلِمَةٍ مِنْهُ وَيَجْعَل ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَمَا كُنْت تَرْجُو أَنْ يُلْقَى إِلَيْك الْكِتَاب إِلَّا رَحْمَة مِنْ رَبّك " بَلْ الصَّحِيح أَنَّهَا الْكَلِمَة الَّتِي جَاءَ بِهَا جِبْرِيل إِلَى مَرْيَم فَنَفَخَ فِيهَا بِإِذْنِ اللَّه فَكَانَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام . وَقَالَ الْبُخَارِيّ : حَدَّثَنَا صَدَقَة بْن الْفَضْل حَدَّثَنَا الْوَلِيد حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيّ حَدَّثَنِي عُمَيْر بْن هَانِئ حَدَّثَنَا جُنَادَة بْن أَبِي أُمَيَّة عَنْ عُبَادَة بْن الصَّامِت عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ شَهِدَ أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَحْده لَا شَرِيك لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْده وَرَسُوله وَأَنَّ عِيسَى عَبْد اللَّه وَرَسُوله وَكَلِمَته أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَم وَرُوح مِنْهُ وَأَنَّ الْجَنَّة حَقّ وَالنَّار حَقّ أَدْخَلَهُ اللَّه الْجَنَّة عَلَى مَا كَانَ مِنْ الْعَمَل " وَقَالَ الْوَلِيد فَحَدَّثَنِي عَبْد الرَّحْمَن بْن يَزِيد بْن جَابِر عَنْ عُمَيْر بْن هَانِئ عَنْ جُنَادَة زَادَ " مِنْ أَبْوَاب الْجَنَّة الثَّمَانِيَة يَدْخُل مِنْ أَيّهَا شَاءَ " وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ دَاوُد بْن رَشِيد عَنْ الْوَلِيد عَنْ اِبْن جَابِر بِهِ وَمِنْ وَجْه آخَر عَنْ الْأَوْزَاعِيّ بِهِ فَقَوْله فِي الْآيَة وَالْحَدِيث " وَرُوح مِنْهُ " كَقَوْلِهِ " وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض جَمِيعًا مِنْهُ " أَيْ مِنْ خَلْقه وَمِنْ عِنْده وَلَيْسَتْ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ كَمَا تَقُولهُ النَّصَارَى عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه الْمُتَتَابِعَة بَلْ هِيَ لِابْتِدَاءِ الْغَايَة كَمَا فِي الْآيَة الْأُخْرَى وَقَدْ قَالَ مُجَاهِد فِي قَوْله " وَرُوح مِنْهُ " أَيْ وَرَسُول مِنْهُ وَقَالَ غَيْره وَمَحَبَّة مِنْهُ وَالْأَظْهَر الْأَوَّل وَهُوَ أَنَّهُ مَخْلُوق مِنْ رُوح مَخْلُوقَة وَأُضِيفَتْ الرُّوح إِلَى اللَّه عَلَى وَجْه التَّشْرِيف كَمَا أُضِيفَتْ النَّاقَة وَالْبَيْت إِلَى اللَّه فِي قَوْله " هَذِهِ نَاقَة اللَّه " وَفِي قَوْله " وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ " وَكَمَا رُوِيَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح " فَأَدْخُل عَلَى رَبِّي فِي دَاره " أَضَافَهَا إِلَيْهِ إِضَافَة تَشْرِيف وَهَذَا كُلّه مِنْ قَبِيل وَاحِد وَنَمَط وَاحِد وَقَوْله " فَآمِنُوا بِاَللَّهِ وَرَسُوله " أَيْ فَصَدِّقُوا بِأَنَّ اللَّه وَاحِد أَحَد لَا وَلَد لَهُ وَلَا صَاحِبَة وَاعْلَمُوا وَتَيَقَّنُوا بِأَنَّ عِيسَى عَبْد اللَّه وَرَسُوله وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَة " أَيْ لَا تَجْعَلُوا عِيسَى وَأُمّه مَعَ اللَّه شَرِيكَيْنِ تَعَالَى اللَّه عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا وَهَذِهِ الْآيَة وَاَلَّتِي فِي سُورَة الْمَائِدَة حَيْثُ يَقُول تَعَالَى " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّه ثَالِث ثَلَاثَة وَمَا مِنْ إِلَه إِلَّا إِلَه وَاحِد " وَكَمَا قَالَ فِي آخِر السُّورَة الْمَذْكُورَة " وَإِذْ قَالَ اللَّه يَا عِيسَى اِبْن مَرْيَم أَأَنْت قُلْت لِلنَّاسِ اِتَّخِذُونِي " الْآيَة وَقَالَ فِي أَوَّلهَا " لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّه هُوَ الْمَسِيح اِبْن مَرْيَم " الْآيَة . وَالنَّصَارَى عَلَيْهِمْ لَعَائِن اللَّه مِنْ جَهْلهمْ لَيْسَ لَهُمْ ضَابِط وَلَا لِكُفْرِهِمْ حَدّ بَلْ أَقْوَالهمْ وَضَلَالهمْ مُنْتَشِر فَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَقِدهُ إِلَهًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَقِدهُ شَرِيكًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَعْتَقِدهُ وَلَدًا وَهُمْ طَوَائِف كَثِيرَة لَهُمْ آرَاء مُخْتَلِفَة وَأَقْوَال غَيْر مُؤْتَلِفَة . وَلَقَدْ أَحْسَنَ بَعْض الْمُتَكَلِّمِينَ حَيْثُ قَالَ : لَوْ اِجْتَمَعَ عَشَرَة مِنْ النَّصَارَى لَافْتَرَقُوا عَنْ أَحَد عَشَر قَوْلًا . وَلَقَدْ ذَكَرَ بَعْض عُلَمَائِهِمْ الْمَشَاهِير عِنْدهمْ وَهُوَ سَعِيد بْن بِطْرِيق بَتْرك الْإِسْكَنْدَرِيَّة فِي حُدُود سَنَة أَرْبَعمِائَةٍ مِنْ الْهِجْرَة النَّبَوِيَّة أَنَّهُمْ اِجْتَمَعُوا الْمَجْمَع الْكَبِير الَّذِي عَقَدُوا فِيهِ الْأَمَانَة الْكَبِيرَة الَّتِي لَهُمْ وَإِنَّمَا هِيَ الْخِيَانَة الْحَقِيرَة الصَّغِيرَة وَذَلِكَ فِي أَيَّام قُسْطَنْطِين بَانِي الْمَدِينَة الْمَشْهُورَة وَأَنَّهُمْ اِخْتَلَفُوا عَلَيْهِ اِخْتِلَافًا لَا يَنْضَبِط وَلَا يَنْحَصِر فَكَانُوا أَزْيَد مِنْ أَلْفَيْنِ أُسْقُفًا فَكَانُوا أَحْزَابًا كَثِيرَة كُلّ خَمْسِينَ مِنْهُمْ عَلَى مَقَالَة وَعِشْرُونَ عَلَى مَقَالَة وَمِائَة عَلَى مَقَالَة وَسَبْعُونَ عَلَى مَقَالَة وَأَزْيَد مِنْ ذَلِكَ وَأَنْقَص . فَلَمَّا رَأَى مِنْهُمْ عِصَابَة قَدْ زَادُوا عَلَى الثَّلَثمِائَةِ بِثِمَانِيَة عَشَر نَفَرًا وَقَدْ تَوَافَقُوا عَلَى مَقَالَة فَأَخَذَهَا الْمَلِك وَنَصَرَهَا وَأَيَّدَهَا وَكَانَ فَيْلَسُوفًا دَاهِيَة وَمَحَقَ مَا عَدَاهَا مِنْ الْأَقْوَال وَانْتَظَمَ دَسْت أُولَئِكَ الثَّلَثمِائَةِ وَالثَّمَانِيَة عَشَر وَبُنِيَتْ لَهُمْ الْكَنَائِس وَوَضَعُوا لَهُمْ كُتُبًا وَقَوَانِين وَأَحْدَثُوا فِيهَا الْأَمَانَة الَّتِي يُلَقِّنُونَهَا الْوِلْدَان مِنْ الصِّغَار لِيَعْتَقِدُوهَا وَيُعَمِّدُونَهُمْ عَلَيْهَا وَأَتْبَاع هَؤُلَاءِ هُمْ الْمَلْكَانِيَّة. ثُمَّ إِنَّهُمْ اِجْتَمَعُوا مَجْمَعًا ثَانِيًا فَحَدَثَ فِيهِمْ الْيَعْقُوبِيَّة ثُمَّ مَجْمَعًا ثَالِثًا فَحَدَثَ فِيهِمْ النَّسْطُورِيَّة وَكُلّ هَذِهِ الْفِرَق تُثْبِت الْأَقَانِيم الثَّلَاثَة فِي الْمَسِيح وَيَخْتَلِفُونَ فِي كَيْفِيَّة ذَلِكَ وَفِي اللَّاهُوت وَالنَّاسُوت عَلَى زَعْمهمْ هَلْ اِتَّحَدَا أَوْ مَا اِتَّحَدَا أَوْ اِمْتَزَجَا أَوْ حَلَّ فِيهِ عَلَى ثَلَاث مَقَالَات وَكُلّ مِنْهُمْ يُكَفِّر الْفِرْقَة الْأُخْرَى وَنَحْنُ نُكَفِّر الثَّلَاثَة وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " اِنْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ " أَيْ يَكُنْ خَيْرًا لَكُمْ " إِنَّمَا اللَّه إِلَه وَاحِد سُبْحَانه أَنْ يَكُون لَهُ وَلَد " أَيْ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا " لَهُ مَا فِي السَّمَوَات وَمَا فِي الْأَرْض وَكَفَى بِاَللَّهِ وَكِيلًا" أَيْ الْجَمِيع مِلْكه وَخَلْقه وَجَمِيع مَا فِيهِمَا عَبِيده وَهُمْ تَحْت تَدْبِيره وَتَصْرِيفه وَهُوَ وَكِيل عَلَى كُلّ شَيْء فَكَيْف يَكُون لَهُ مِنْهُمْ صَاحِبَة وَوَلَد كَمَا قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى " بَدِيع السَّمَوَات وَالْأَرْض أَنَّى يَكُون لَهُ وَلَد " الْآيَة . وَقَالَ تَعَالَى " وَقَالُوا اِتَّخَذَ الرَّحْمَن وَلَدًا لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا - إِلَى قَوْله - فَرْدًا " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • مفسدات القلوب [ الشهوة ]

    مفسدات القلوب [ الشهوة ]: قال المصنف - حفظه الله -: «فالحديث عن الشهوة وما يعتريها من أحوال مطلبٌ مُلِحّ لكل مسلم ومسلمة، لا سيما في هذا العصر الذي كثُرت فيه مُثيراتها، وغلب تأثيرها. فما الشهوة؟ ولماذا خُلقت؟ وما أسباب الوقوع في الشهوة المحرمة؟ وما علاج الشهوة المحرمة؟. هذا ما سنتطرَّق إليه في ثنايا هذا الكتاب».

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/355752

    التحميل:

  • رسالة في التوحيد

    رسالة في التوحيد : فهذه نبذة يسيرة تبين للمسلم العقيدة السلفية النقية عن كل مايشوبها من خرافة وبدعة، عقيدة أهل السنة والجماعة من سلف هذه الأمة، من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من محققي العلماء.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/203883

    التحميل:

  • الحزن والاكتئاب على ضوء الكتاب والسنة

    الحزن والاكتئاب على ضوء الكتاب والسنة : يحتوي الكتاب على: • مقدمة الدكتور عبد الرزاق بن محمود الحمد • بين يدي الكتاب • ترجمة المؤلف رحمه الله • مقدمة المؤلف • تعريف الحزن والاكتئاب • أنواع الحزن • مرض الاكتئاب : أولاً: أعراضه - ثانيًا: أسبابه. • ما هو العلاج؟ أولاً: العقيدة - ثانيًا: التقوى والعمل الصالح - ثالثًا: الدعاء والتسبيح والصلاة - رابعًا: تقدير أسوأ الاحتمالات - خامسًا: الواقعية في النظرة إلى الحياة - سادسًا: تقديم حسن الظن - سابعًا: كيف التصرف حيال أذى الناس - ثامنًا: الأمل. • العلاج الطبي للاكتئاب.

    الناشر: مجلة البيان https://www.albayan-magazine.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/205802

    التحميل:

  • من الأحكام الفقهية في الطهارة والصلاة والجنائز

    من الأحكام الفقهية في الطهارة والصلاة والجنائز: فإن العبادة لا تتم ولا تُقبل حتى تكون مبنيةً على أمرين أساسيين، وهما: الإخلاص لله - عز وجل -، والمتابعة لرسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولذا كان من من المهم جدًّا أن يحرِص المرء على أن تكون عباداته كلها مبنيةً على الدليل من الكتاب والسنة؛ ليكون مُتعبِّدً لله تعالى على بصيرةٍ. وفي هذه الرسالة القيمة تم جمع بعض ما تيسَّرت كتابته مختصرًا من الأحكام الفقهية في أبواب الطهارة والصلاة والجنائز، مُعتمدًا فيه على ما جاء في كتاب الله تعالى أو صحَّ عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

    الناشر: موقع الشيخ محمد بن صالح العثيمين https://www.ibnothaimeen.com - موقع الإسلام https://www.al-islam.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/144942

    التحميل:

  • عمل اليوم والليلة

    عمل اليوم والليلة : يعتبر هذا الكتاب - عمل اليوم والليلة - لابن السني، مرجعاً أساسياً كاملاً جامعاً لأحاديث وأذكار اليوم والليلة الذي تتبع فيه من الأحاديث المأثورة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في يومه وليله، وقد أراد ابن السني هذا الكتاب لكل مسلم راغب في مزيد من الإطلاع بأسلوب واضح لا لبس فيه ولا إبهام.

    الناشر: موقع أم الكتاب https://www.omelketab.net

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/141502

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة