تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 174

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۙ أُولَٰئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (174) (البقرة) mp3
يَقُول تَعَالَى " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّه مِنْ الْكِتَاب " يَعْنِي الْيَهُود الَّذِينَ كَتَمُوا صِفَة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كُتُبهمْ الَّتِي بِأَيْدِيهِمْ مِمَّا تَشْهَد لَهُ بِالرِّسَالَةِ وَالنُّبُوَّة فَكَتَمُوا ذَلِكَ لِئَلَّا تَذْهَب رِيَاسَتهمْ وَمَا كَانُوا يَأْخُذُونَهُ مِنْ الْعَرَب مِنْ الْهَدَايَا وَالتُّحَف عَلَى تَعْظِيمهمْ آبَاءَهُمْ فَخَشَوْا لَعَنَهُمْ اللَّه إِنْ أَظْهَرُوا ذَلِكَ أَنْ يَتَّبِعهُ النَّاس وَيَتْرُكُوهُمْ فَكَتَمُوا ذَلِكَ عَلَى إِبْقَاء عَلَى مَا كَانَ يَحْصُل لَهُمْ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ نَزْرٌ يَسِيرٌ فَبَاعُوا أَنْفُسهمْ بِذَلِكَ وَاعْتَاضُوا عَنْ الْهُدَى وَاتِّبَاع الْحَقّ وَتَصْدِيق الرَّسُول وَالْإِيمَان بِمَا جَاءَ عَنْ اللَّه بِذَلِكَ النَّزْر الْيَسِير فَخَابُوا وَخَسِرُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة أَمَّا فِي الدُّنْيَا فَإِنَّ اللَّهَ أَظْهَرَ لِعِبَادِهِ صِدْق رَسُوله بِمَا نَصَبَهُ وَجَعَلَهُ مَعَهُ مِنْ الْآيَات الظَّاهِرَات وَالدَّلَائِل الْقَاطِعَات فَصَدَّقَهُ الَّذِينَ كَانُوا يَخَافُونَ أَنْ يَتَّبِعُوهُ وَصَارُوا عَوْنًا لَهُ عَلَى قِتَالهمْ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَب وَذَمَّهُمْ اللَّهُ فِي كِتَابه فِي غَيْر مَوْضِع فَمِنْ ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة " إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنْ الْكِتَاب وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا " وَهُوَ عَرَض الْحَيَاة الدُّنْيَا وَأُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ إِلَّا النَّار أَيْ إِنَّمَا يَأْكُلُونَ مَا يَأْكُلُونَهُ فِي مُقَابَلَة كِتْمَان الْحَقّ نَارًا تَأَجَّجَ فِي بُطُونهمْ يَوْم الْقِيَامَة كَمَا قَالَ تَعَالَى " إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا " وَفِي الْحَدِيث الصَّحِيح عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " إِنَّ الَّذِي يَأْكُل أَوْ يَشْرَب فِي آنِيَة الذَّهَب وَالْفِضَّة إِنَّمَا يُجَرْجِر فِي بَطْنه نَار جَهَنَّم " وَقَوْله " وَلَا يُكَلِّمُهُمْ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ " وَذَلِكَ لِأَنَّهُ تَعَالَى غَضْبَان عَلَيْهِمْ لِأَنَّهُمْ كَتَمُوا وَقَدْ عَلِمُوا فَاسْتَحَقُّوا الْغَضَب فَلَا يَنْظُر إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ أَيْ يُثْنِي عَلَيْهِمْ وَيَمْدَحهُمْ بَلْ يُعَذِّبهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَقَدْ ذَكَرَ اِبْن أَبِي حَاتِم وَابْن مَرْدَوَيْهِ هَاهُنَا حَدِيث الْأَعْمَش عَنْ أَبِي حَازِم عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمهُمْ اللَّه وَلَا يَنْظُر إِلَيْهِمْ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم شَيْخ زَانٍ وَمَلِكٌ كَذَّابٌ وَعَائِلٌ مُسْتَكْبِرٌ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الإفادة فيما ينبغي أن تُشغل به الإجازة

    الإفادة فيما ينبغي أن تُشغل به الإجازة : إن الإنسان مسئول عن أوقات فراغه فينبغي للمسلم أن ينتهز أوقات الإجازات. إجازة الأسبوع أيام الخميس والجمع، وإجازة الموظف السنوية وإجازة نصف السنة الدراسية بالنسبة للطلبة والطالبات والمدرسين والمدرسات، والإجازة الصيفية لهؤلاء التي تقارب ثلاثة شهور أو أكثر وإجازات الأعياد التي شرع فيها التكبير وأنواع العبادات من صلاة وصيام وصدقة وحج وأضاحي إلى غير ذلك. ونظرًا لما لوحظ من ضياع أوقات بعض الشباب في الإجازات والعطل فقد أشار عليَّ بعض المحبين والناصحين بتأليف رسالة في هذا الموضوع، وهي مستفادة من كلام الله تعالى، وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - وكلام المحققين من أهل العلم.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/209112

    التحميل:

  • يوم مع حبيبك صلى الله عليه وسلم

    يوم مع حبيبك صلى الله عليه وسلم: بيان صفة خَلْقه - صلى الله عليه وآله وسلم -، وهديه في الاستيقاظ والوضوء والقيام، والصلاة، وأذكار الصباح والمساء، والطعام والشراب، واللباس والمشي والركوب، والتعامل مع الناس، وبيته ونومه. راجع الكتاب فضيلة الشيخ عبد الكريم بن عبد الله الخضير - حفظه الله تعالى -.

    المدقق/المراجع: زلفي عسكر

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/2160

    التحميل:

  • أنهلك وفينا الصالحون

    أنهلك وفينا الصالحون : فإن من تأمل في حياة المسلمين اليوم وجد أن البعض منهم قد أهمل القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وقد لبس الشيطان في ترك هذه الشعيرة العظيمة بأعذار واهية، وفي هذه الرسالة بيان بواعث الأمر بالمعروف، مع ذكر بعض ثمراته، ثم بيان خطوات الإنكار، وحالات الإعفاء من الإنكار.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/208936

    التحميل:

  • الرسالة التبوكية [ زاد المهاجر إلى ربه ]

    الرسالة التبوكية : وقد كتبها في المحرم سنة 733هـ بتبوك، وأرسلها إلى أصحابه في بلاد الشام، فسّر فيها قوله تعالى: { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب } وذكر أن من أعظم التعاون على البر والتقوى التعاون على سفر الهجرة إلى الله ورسوله ... وبيّن أن زاد هذا السفر العلم الموروث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ثم بيّن طريق العلم ومركبه وأن رأس مال الأمر وعموده في ذلك إنما هو التفكر والتدبر في آيات القرآن.

    المدقق/المراجع: محمد عزيز شمس

    الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/265605

    التحميل:

  • رمضانيات من الكتاب والسنة

    رمضانيات من الكتاب والسنة : يحتوي هذا الكتاب على عدة موضوعات منها: - استقبال المسلمين لشهر رمضان. - منهج الإسلام في تشريع الصيام. - قيام رمضان.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/231265

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة