مقدمة في عالم البرمجة للمبتدئين ما هي البرمجة؟


قد تتساءل إن كنت موظَّفًا لست مُختصًا بالبرمجة في شركة لتطوير البرمجيَّات عن ماهيَّة عمل المُبرمجين، وخاصةً أنَّك تسمع العبارات الرنّانة التي يتداولونها كُل يوم. هذا المقال لك في حال كنت كذلك. سواءً كُنت مندوب مبيعات أو طبيب أو محامٍ أو رائِد أعمال أو محاسِب، وكُنت ترغب بتعلُّم التكويد، فهذا أفضل مكان لتبدأ منه. وهذه المقالة عبارة عن خلاصة ما علَّمته في دوراتي التدريبيَّة. لن أُناقِش هنا أي أكواد أو لغات برمجة أو أي شيء من هذا النوع، بل سأشرح مفاهيم عامة وحسب.

صمّمَ الصورة جون أديسانيا
كيف نُظِّمت سلسلة المقالات هذه؟
هذه المقالة مُقسَّمة إلى أربَع تدوينات. في نهاية كُل تدوينة قسمًا للاختبارات لمُساعدتك على حفظ ما قرأته بشكلٍ أفضل. ستَجِد بعد ذلك القسم قسمًا يُدعى "ما التالي؟" وآخر لأجوبة الاختبارات. لاحِظ أنَّ الكلمات المُهمَّة في سلسلة مقالاتنا ستكون مكتوبة بخطٍّ عريض، ككلمة خوارزميَّة.
صمّمَ الصورة جون أديسانيا
ما هي البرمجة؟
يُمكننا الإجابة عن هذا السؤال بالجواب البسيط التالي: "البرمجة هي عمليَّة تعليم الحاسوب إجراء مهمة ما"، أو يُشار إليها عادةً بالتكويد. فما هو البرنامج الحاسوبي إذًا؟ البرنامج الحاسوبي هو سلسلة من التعليمات يُنفذُها الحاسوب. يُمكِن أن يكون الحاسوب في التعريف أعلاه أي جهاز قادِر على معالجة الأكواد، فقد يكون هاتفًا ذكيًّا أو صرّافًا أو خادِمًا على سبيل المثال لا الحصر.
مثال عن البرمجة
أولًا، هناك نمط لكل شيء في حياتنا اليوميَّة. يعمل الكون بطريقةٍ يُمكِن التنبؤ بها لحدٍّ ما، فمثلًا: تعاقب الليل والنهار، الفصول، شروق الشمس وغروبها ...إلخ. يَعيش الناس بشكِل روتيني، كالاستيقاظ صباحًا ثُم التوجُّه إلى المدرسة أو العمل. نتلقى تعليمات من أشخاصٍ آخرين كمُشريفنا في العمل. يُمكن شَرح كيفيَّة طَهوِنا لوصفة معينة بسلسلة محدودة من الخطوات. ثانيًا، في كُل مرَّة نستخدم أجهزتنا الذكيَّة تعمل العديد من الأكواد في الخلفيَّة. قد يبدو تَحريك مُؤشِّر الفأرة من موضعٍ لآخر شيئًا بسيطًا، إلّا أنَّه حقيقةً يُنتِج تشغيل العديد من الأكواد. شيء بسيط ككتابة بعض الأحرف في موقع مُستندات جوجل يؤدي إلى تنفيذ عشرات الأكواد في الخلفيَّة. كُل شيء مكوَّن من الأكواد في كُل مكان.
لغة الحاسوب الطبيعيَّة
للآلات لُغة طبيعيَّة كما البشر. لا تَفهَم الحواسيب لُغة البشر الطبيعيّة، فلُغتها الخاصّة مكوَّنة من أكواد ثنائيَّة، أي أصفار (0) وواحدات (1). تُمثِّل هذه الأصفار والواحدات حالتين: مُشغَّل (1) ومُطفأ (0).
تلك هي اللغة الطبيعيَّة للأجزاء الإلكترونيَّة، والتي ستكون لنا صعبةً جدًّا كبشر للتحدث فيها مع الحواسيب.
مدخل إلى لغات البرمجة
نَستخدِم لُغةً أقرب إلى لغاتنا البشريَّة، كالعربيَّة والإنجليزيَّة والفرنسيَّة، للتحدُّث إلى الآلات المُتحدثة بالأرقام الثنائيَّة. لُغات البرمجة أقرب إلى لغاتنا الطبيعيّة، إلا أنّها أكثر تنظيمًا وينبغي أن تكون مُمكنة التعلُّم كُليًّا. لغات البرمجة يُمكِن أن تكون رفيعة (عالية) أو منخفضة المستوى. لغات البرمجة عالية المُستوى أبعد من لغة الآلة مِن اللغات منخفضة المُستوى. يُسمَّى هذا "البُعِد" عادةً بالتجريد، ولكّننا لن نتطرَق له في هذه السلسلة. تحتاج الحواسيب لطريقةٍ لفهم لغتنا البشريَّة، والمُترجِمات هي تلك الطريقة.
ما هي المُترجِمات؟
يُشير الكود المصدري إلى الأكواد المكتوبة بلغة برمجة مُعينة. سنتكلَّم عن هذا بالتفصيل في الجزء الثاني. المُترجمات مسؤولة عن تحويل كودك المصدري إلى لغة الآلة، أو ما يُعرَف أيضًا بالكود الثنائي (أصفار وواحدات). قَد تُسمَّى هذه الأكواد الثنائيَّة أيضًا بالكود الهدف أو بالبرنامج أو الكلمة التي يشيع ذكرها اليوم: التطبيق.


يُمكِن أن تكون المُترجمات:
مُفسِّرات
مُصرِّفات
خليط من المُفسِّرات والمُصرِّفات
مُجمِّعات
المُفسِّرات
بعض اللغة تفسيريَّة، أي أنَّ المُترجِم يُعالج الكود المصدري سطرًا سطرًا ويُنفِّذ كُل سطر في البرنامج النهائي المُنتَج. ما يعني أنَّ الكود المصدري المُفسَّر يبدأ العمل ويستمِر حتّى يواجه خطأً، ليتوقَف ويُبلِّغ عنه. سنتكلَّم عن هذا بالتفصيل لاحقًا في الجزء الثالث. لغة بايثون هي إحدى الأمثلة الجيدة عن لغات البرمجة التفسيريَّة.
المُصرِّفات
تعمل المُصرِّفات بشكلٍ مُختلف، فتحوِّل الكود المصدري كاملًا أولًا إلى كودٍ ثنائي، وتُنفِّذ الكود الثنائي بعدها. تُكشَف وتُعرَض الأخطاء الموجودة في الكود المصدري خلال التصريف. يؤدي هذا إلى مُقاطعة عمليَّة التصريف، وعدم توليد الكود الثنائي.
تُترجِم المُفسِّرات سطرًا سطرًا وتُنفِّذ السطر وتنتقل للذي يليه، بينما تُترجِم المُصرِّفات أسطر البرنامج كاملةً إلى ملف (كود ثنائي) وتُنفِّذه.
أتذكر تعريف البرنامج الحاسوبي؟ هو سلسلة من التعليمات يُنفذها الحاسوب. يُدعى تنفيذ البرنامج عادةً عمليَّة. تستخدم هذه البرامج قدرًا معينًا من موارد الحاسوب أو الهاتف كالذاكرة ومساحة نظام الملفات. يُمكن أن يُقال لتنفيذ البرنامج أيضًا تشغيل. نستخدم الكلمة "تشغيل" عند تنفيذ برنامج حاسوبي. الوقت الذي يستغرقه تشغيل ذلك البرنامج يُعرَف بوقت تشغيل البرنامج. من الشائِع أيضًا تسمية البرامج بالتطبيقات. نَنسُب كذلك البرنامج إلى المنصة أو البيئة التي يعملها عليها أو المُصمَّم لها، فنقول تطبيقات عنكبوتيَّة (نسبةً إلى الشبكة العنكبوتيَّة) التي تعمل على المُتصفِحات العنكبوتيَّة، كتطبيق جداول جوجل. توجد أيضًا تطبيقات الهواتف التي تعمل على الهواتف الذكيَّة كـ(كاندي كراش)، وكذلك تطبيقات سطح المكتب كتطبيق (بور بوينت). تذكَّر مُجدّدًا أنَّ الكود المصدري المُفسَّر يُنفَّذ مُباشرةً من الملف المصدري، بينما يحوَّل الكود المصدري المُصرَّف إلى ملف ثنائي يُنفّذ لاحقًا. قد يتعطَّل الكود المصدري المُصرَّف أثناء وقت التشغيل حتّى بعد نجاح التصريف (انظر الجزء الثالث من السلسلة للمزيد من التفاصيل).