عرض مشاركة واحدة
قديم 25-05-2019, 03:03 PM   #1
تاريخ التسجيل: Feb 2019
المشاركات: 1,010
التقييم: 10
تاريخ التسجيل: Feb 2019
المشاركات: 1,010
التقييم: 10
افتراضي غريب الحديث في كتاب الجهاد 1-3

لو قُدِّرَ أن الإسلام تجسَّم في صورة جَمَل، لكان الجهاد أعلى ما فيه وهو السَّنام، بل ذَرْوَةُ السَّنام وأعلاه؛ لعلوِّ مقام الجهاد في سبيل الله، ولفضله على سائر الأعمال، إذ هو بذل أغلى ما في الإنسان وهي روحه، وقد وردت فيه أحاديث نبوية كثيرة في بيان فضله وأحكامه، وورد في بعضها ألفاظ غريبة تحتاج إلى بيان معنى، ومن ذلك:

قَفْلَةٌ: في سنن أبي داود عن عبدالله بن عمرو عَنِ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: (قَفْلَةٌ كَغَزْوَةٍ)، القفلة: مأخوذة من القفول وهو الرجوع، ومعناه: أن رجوع المجاهد من غزوه كخروجه إليه، فهو في سبيل الله ذهابه ورجوعه، قال الخطابي: لأن خروج الغازي يضر بأهله وفي قفوله إليهم إزالة الضرر عنهم، واستجمام للنفس واستعداد بالقوة للعود، وذُكِر وجهٌ آخر في معنى الحديث مفاده: الرجوع في وجه العدو مرة أخرى بعد الانصراف عنه إمعانا في مباغتته والإثخان به.

ثَبَج: في البخاري ومسلم عن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنها عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:«ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله يركبون ثَبَج هذا البحر ملوكا على الأسرة ، أو قال مثل الملوك على الأسرة».
ثَبَج البحر بفتح التاء والباء: وسطه، وقيل: ثبج البحر ظهره، وقد جاء في الرواية الأخرى «ظَهْر هذا البحر» وأصل الثَّبَج ما بين الكتفين.

ومُنْبِلَهُ: في السنن عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : « إن الله عز وجل يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة : صانعَه يحتسب فى صنعته الخير، والراميَ به، ومُنْبِلَهُ».
قال المنذري: مُنْبِلُه بضم الميم وإسكان النون وكسر الباء الموحدة ، قال البغوي: هو الذي يناول الرامي النبل وهو يكون على وجهين : أحدهما أن يقوم بجنب الرامي أو خلفه يناوله النبل واحدا بعد واحد حتى يرمي، والآخر أن يرُدَّ عليه النبل المرمي به ، ويروى: «والممد به»، وأي الأمرين فعل فهو ممد به انتهى.
قال المنذري: ويحتمل أن يكون المراد بقوله «ومُنْبِلَهُ» أي الذي يعطيه للمجاهد ويجهَّز به من ماله إمداداً له وتقوية.

المائد: في سنن أبي داود وصححه الألباني، عن أم حرام بنت ملحان رضي الله عنه قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-«المائد فيه -أي في البحر- كالمُتَشَحِّطِ في دمه».

المائد: هو الذي يُدَارُ برأسه من ريح البحر واضطراب السفينة بالأمواج.
والمعنى: أن راكب البحر لقربة كغزوٍ أو حجٍ لو مات فيه غَرِقاً فله أجر شهيد المعركة المذبوح الملطخ بدمه مصداقاً لما ورد في صحيح مسلم من حديث سهل بن حنيف -رضي الله عنه- أن النبى -صلى الله عليه وسلم- قال « من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه».

فُوَاق ناقة: في السنن عن معاذ بن جبل أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول : «من قاتل فى سبيل الله فُوَاقَ ناقة فقد وجبت له الجنة».
أي: زمناً يسيراً، وفواق الناقة هو مقدار ما بين الحلبتين، قيل: إن المقصود بالحلبة كونه يمسك الثدي فيعصره ثم يعصره مرة ثانية، فيكون وقتاً قصيراً، وقيل: هو أن يحلب الناقة ثم يترك الفصيل يرضع، ثم يرجع إلى الضرع فيحلبه، والمقصود أن ذلك وقت قليل.

الدُّلْجَة: في سنن أبي داود عن أنس -رضي الله عنه- قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «عليكم بالدُّلْجَة فإن الأرض تُطوى بالليل».
الدُّلْجَة: بضمٍّ فسكون، وبفتحتين قال ابن الأثير: هو سير الليل يقال أَدْلَج بالتخفيف إذا سار من أول الليل وادَّلَج - بالتشديد - إذا سار من آخره والاسم منهما الدُّلْجة والدَّلْجة بالضم والفتح وقد تكرر ذكرهما في الحديث، ومنهم من يجعل الإدْلاج لليل كله وكأنه المراد في هذا الحديث لأنه عقبه بقوله: «فإن الأرض تُطوى بالليل». .
وأما قوله « فإنَّ الأرض تُطْوى بالليل » فقد حمله بعضهم على ظاهر اللفظ فقالوا: إن الأرض في الليل ينزوي بعضها إلى بعض فيقطعها المسافر في وقت أقل، وحمله البعض على سهولة السير وبركة الوقت فيه؛ لرقة هواء الليل وعدم الحَرِّ، وذلك يعين على السير، وينشط الدواب، ويخفف الحِمْل خلاف حرَّ النهار ولهب الهواجر.

النَّصْل والخُف والحافر: في السنن عن أبى هريرة -رضي الله عنه- قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « لا سَبَقَ إلا فى خُفٍّ أو فى حافر أو نَصْل ».
السَّبَق: بفتح الباء هو ما يجعل للسابق على سَبْقِه من جُعْلٍ أو نوال، والخُف: المقصود بها البعير، والحافر: الخيل ويدخل في معنى الخيل: البغال والحمير لأنها كلها ذوات حوافر.
قال الخطابي: وذلك لأن هذه الأمور عُدَّةٌ في قتال العدو وفي وبذل الجُعْل عليها ترغيب في الجهاد وتحريض عليه.

فأخذهم سَلَماً: ما ورد في صحيح مسلم عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من جبل التنعيم متسلحين يريدون غِرَّةَ النبى -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، فأخذهم سَلَماً فاستحياهم فأنزل الله عز وجل {وَهُوَ الَّذِى كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ } الآية.

قال النووي في شرحه على صحيح مسلم: قوله : «فأخذهم سَلَماً».
ضبطوه بوجهين : أحدهما : بفتح السين واللام ، والثاني : بإسكان اللام مع كسر السين وفتحها ، قال الحميدي : ومعناه : الصلح ، قال القاضي عياض في المشارق : هكذا ضبطه الأكثرون ، قال: الرواية الأولى أظهر ، ومعناها: أسرهم ، والسَّلَم الأسْر ، وجزم الخطابي بفتح اللام والسين ، قال : والمراد به الاستسلام والإذعان ، كقوله تعالى : { وألْقَوْا إلَيْكُمُ السَّلَم } أي : الانقياد ، وهو مصدر يقع على الواحد والاثنين والجمع ، قال ابن الأثير : هذا هو الأشبه بالقصة ، فإنهم لم يؤخذوا صلحا ، وإنما أخذوا قهرا وأسلموا أنفسهم عجزا.

بَدْء الفجور وثَناه: في صحيح مسلم أيضا عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه- في غزوة ذي قَرَد- قال: فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض أتيت شجرة فكسحت شوكها فاضطجعت في أصلها، قال: فأتاني أربعو من المشركين من أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأبغضتهم، فتحولت إلى شجرة أخرى، وعلقوا سلاحهم واضطجعوا، فبينما هم كذلك إذ نادى منادي من أسفل الوادي: يا للمهاجرين قتل ابن زنيم، قال: فاخترطت سيفي ثم شددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم فجعلته ضغثا في يدي، قال: ثم قلت والذي كرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه، قال: ثم جئت بهم أسوقهم إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: وجاء عمي عامر برجل من العَبَلات يقال له مِكْرِز يقوده إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على فرس مُجَفَّف في سبعين من المشركين فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال: «دعوهم يكُنْ لهم بَدْءُ الفجور وثَنَاهُ». فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فَكَسَحْتُ شوكها: أي كنست ما تحتها من الشوك .

فجعلته ضِغْثا في يدي: الضِّغْث الحزمة.

فرس مُجَفَّف: هو بفتح الجيم وفتح الفاء الأولى المشددة، أي عليه تِجْفاف بكسر التاء، وهو ثوب كالحل يلبسه الفرس ليقيه من السلاح، وجمعه : تجافيف .

بَدْء الفجور وثَناه: بدء بفتح الباء وإسكان الدال وبالهمز ، أي ابتداؤه ، وأما ( ثَناه ) فوقع في أكثر النسخ ( ثَناه ) مثلثة مكسورة ، وفي بعضها : ( ثُنياه ) بضم الثاء وبياء مثناة تحت بعد النون ، وصوب القاضي عياض الأول أي: عودة ثانية. أ.هـ من شرح النووي على صحيح مسلم، قال ابن الأثير: أي: أي أول الفجور وآخره.

الفارس غير متواجد حالياً   اقتباس