يذكر أهل العربية أن جمع
التكسير -ويسمى الجمع المكسر أيضاً- هو ما ناب عن أكثر من اثنين، وتغير بناء مفرده عند الجمع؛ مثل (كُتُب) و(علماء) و(كُتَّاب). والتغيير، إما أن يكون بزيادة على أصول المفرد، كسهام، وأقلام، وقلوب، ومصابيح جمع -سهم، وقلم، وقلب، ومصباح- وإما بنقص عن أصوله، كرُسل -جمع رسول- وإما باختلاف الحركات، كأُسْد -جمع أَسد-.
والمستفاد من كلام أهل النحو والصرف، أن جمع
التكسير هو كل اسم توافرت فيه شروط ثلاثة:
أولها: الدلالة على أكثر من اثنين.
ثانيها: مشاركته لمفرده في الحروف.
ثالثها: تغيير بناء مفرده بالزيادة، أو النقص، أو تغيير الحركات، أو بالزيادة والتغيير، أو بالنقص والتغيير.
وصيغ
جموع التكسير عديدة؛ نذكر منها: صيغ
جموع القلة (أَفْعِلة) وصيغ
جموع الكثرة، وصيغ شبه (فعالل) وصيغ منتهى الجموع، وصيغ (فُعال) (فُعالى) (فَعَالة) (فَعَل) (فَعيل) (فَعِل) (فِعْل) (فَعْل) (فَيْعَلَة) (فَعَال) (فِعَال) (فُعْلل).
وجميع هذه الصيغ وردت في
القرآن الكريم على اختلاف في نسبة ورودها قلة وكثرة. وفي هذا المقال سوف نقف مع صيغ
جموع القلة، ونتابع الحديث في مقالات قادمة مع سائر صيغ
جموع التكسير.
أولاً: صيغ
جموع القلة:
(جمع
القلة) في التعريف هو: ما وضع للعدد القليل، وهو من الثلاثة إلى العشرة، كأحمال.
ولجمع القلة صيغة واحدة، هي (أَفْعِلَة). وقد ورد في
القرآن الكريم بحسب هذه الصيغة خمسة عشر جمعاً، هي:
- أهِلَّة: مفرده هِلال. ورد هذا الجمع في آية واحدة، وهي قوله سبحانه: {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج} (البقرة:189).
- ألسنة: مفرده لسان. ورد هذه الجمع عشر مرات؛ منها قوله سبحانه: {وإن منهم لفريقا يلوون ألسنتهم بالكتاب} (آل عمران:78) وقوله عز وجل: {ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب} (النحل:62). وورد أيضاً في كل من السور التالية: النحل آية 116، النور الآيتين 15، 24، الروم آية 22، الأحزاب آية 19، الفتح آية 11، الممتحنة آية 2.
- أذلة: مفرده ذليل. ورد هذا الجمع أربع مرات، هي: قوله سبحانه: {ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة} (آل عمران:123) وقوله تعالى: {أذلة على المؤمنين} (المائدة:54) وقوله عز وجل: {وجعلوا أعزة أهلها أذلة} (النمل:34) وقوله عز من قائل: {ولنخرجنهم منها أذلة} (النمل:37).
- أسلحة: مفرده سلاح. ورد هذا الجمع أربع مرات في آية واحدة، هي قوله سبحانه: {وليأخذوا أسلحتهم...وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم...لو تغفلون عن أسلحتكم...أن تضعوا أسلحتكم} (النساء:102).
- أعزة: مفرده عزيز. ورد هذا الجمع مرتين: أولهما: قوله سبحانه: {أعزة على الكافرين} (المائدة:54). ثانيهما: قول الباري سبحانه: {وجعلوا أعزة أهلها أذلة} (النمل:34).
- أفئدة: مفرده فؤاد، ورد إحدى عشرة مرة، منها قوله سبحانه: {وجعلنا لهم سمعا وأبصارا وأفئدة} (الأحقاف:26) وقوله عز وجل: قوله سبحانه: {ونقلب أفئدتهم} (الأنعام:110) وقوله عز من قائل: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم} (إبراهيم:37).
- أكنة: مفرده كنان. ورد أربع مرات، من ذلك قوله سبحانه: {وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه} (الأنعام:25) وقوله تعالى: {إنا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه} (الكهف:57).
- آلهة: مفرده إله. ورد هذا الجمع في
القرآن الكريم أربعاً وثلاثين مرة، منها قوله سبحانه: {أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى} (الأنعام:19) وقوله عز وجل: {أتتخذ أصناما آلهة} (الأنعام:74) وقوله تعالى: {ويذرك وآلهتك} (الأعراف:127).
- أمتعة: مفرده متاع. ورد هذا الجمع مرة واحدة في قوله سبحانه: {لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم} (النساء:102).
- أئمة: مفرده إمام، ورد خمس مرات، من ذلك قوله سبحانه: {فقاتلوا أئمة الكفر} (التوبة:12) وقوله عز وجل: {وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا} (الأنبياء:73) وقوله سبحانه: {ونجعلهم أئمة} (القصص:5).
- أوعية: مفرده وعاء، ورد مرة واحدة، وذلك قوله سبحانه: {فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه} (يوسف:76).
- أودية: مفرده واد، ورد مرتين: الأولى: قوله سبحانه: {فسالت أودية بقدرها} (الرعد:17). الثانية: قوله عز وجل: {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم} (الأحقاف:24).
- أشحة: مفرده شحيح، ورد مرتين في آية واحدة، وهي قوله سبحانه: {أشحة عليكم...أشحة على الخير} (الأحزاب:19).
- أجنحة: مفرده جناح، ورد مرة واحدة، وذلك قوله سبحانه: {جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة} (فاطر:1).
- أجنة: مفرده جنين، ورد مرة واحدة، وذلك قوله سبحانه: {وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم} (النجم:32).
بقي أن نقول بخصوص جمع القلة: إن جمع القلة إذا قُرِن بما يصرفه إلى معنى الكثرة، انصرف إليها، كأن تسبقه (أل) الدالة على تعريف الجنس، كقوله تعالى: {وأحضرت الأنفس الشح} (النساء:128) أو يضاف إلى ما يدل على الكثرة، كقوله سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة} (التحريم:6).