عرض مشاركة واحدة
قديم 20-01-2022, 06:20 PM   #1
تاريخ التسجيل: Jan 2022
المشاركات: 2
التقييم: 10
تاريخ التسجيل: Jan 2022
المشاركات: 2
التقييم: 10
05 كراهة الدخول الى السوق لغير حاجة

💥كراهة الدخول الى السوق لغير حاجة، وكراهة دخوله أول الناس

أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: أحبّ البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها.

قال النووي رحمه الله :

"لأنها محل الغش ، والخداع ، والربا ، والأيمان الكاذبة ، وإخلاف الوعد ، والإعراض عن ذكر الله ، وغير ذلك مما في معناه ، والمساجد محل نزول الرحمة ، والأسواق ضدها" انتهى باختصار .

📚"شرح مسلم" (5/171) .

وأخرج مسلم عن سلمان رضي الله عنه موقوفًا، قال: لا تكوننّ إن استطعت أول من يدخل السوق ولا آخر من يخرج منها، فإنها معركة الشيطان، وبها ينصب رايته".

وسبب ذلك ما قاله ميثمٌ - رجلٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - : (بَلَغَنِي أَنَّ المَلَكَ يَغْدُو بِرَايَتِهِ مَعَ أَوَّلِ مَنْ يَغْدُو إِلى المَسْجِدِ ، فَلاَ يَزَالُ بِهَا مَعَهُ حَتَّى يَرْجِعَ ، فَيَدْخُلَ بِهَا مَنْزِلَهُ ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَيَغْدُو بِرَايَتِهِ مَعَ أَوَّلِ مَنْ يَغْدُو إِلى السُّوقِ) رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (5/183) وقال ابن حجر : "موقوف صحيح السند" انتهى . "الإصابة" (3/496) ، وصححه الألباني في "صحيح الترغيب" .

💥وهذا على خلاف ما يظنه الكثير، أن الدخول الى السوق والإسراع في فتح المحلات التجارية أول الناس سببٌ لجلب الرزق إتباعاً لما جاء في سنن أبي داود ﻋﻦ ﺻﺨﺮ اﻟﻐﺎﻣﺪﻱ ﻋﻦ اﻟﻨﺒﻲ ﷺ ﻗﺎﻝ:

" اﻟﻠﻬﻢ! ﺑﺎﺭﻙ ﻷﻣﺘﻲ ﻓﻲ ﺑﻜﻮﺭﻫﺎ...
...ﻭﻛﺎﻥ ﺻﺨﺮ- أي الصحابي راوي الحديث- ﺭﺟﻼ ﺗﺎﺟﺮا، ﻓﻜﺎﻥ ﻳﺒﻌﺚ ﺗﺠﺎﺭﺗﻪ ﻣﻦ ﺃﻭﻝ اﻟﻨﻬﺎﺭ، ﻓﺄﺛﺮﻯ ﻭﻛﺜﺮ ﻣﺎﻟﻪ " صححه الألباني.

ولا تعارض بين الحديثين فالمقصود بالبكور هو أول الصباح أو أول النهار وليس الإسراع في دخول السوق أول الناس

📚جاء في الدرر السنية :
السُّوقُ مُجتمَع الناس، يَبيعون ويَشترون فيها؛ ليَقضُوا منافعَهُم مِن مَأكَلٍ ومَشرَبٍ وملبَسٍ، وغيرِها، إلَّا أنَّ سلمانَ الفارِسيَّ رضِيَ الله عنه حذَّر مِن أن يكونَ أحدُنا أوَّلَ مَن يَدخلُه، وآخِرَ مَن يَخرُجُ منه.... وذلك لأنَّ السُّوقَ معرَكةُ الشَّيطانِ؛ إذ تَحرِصُ النَّفسُ فيه على الكَسبِ، فربَّما دخَلَ فيهِ غِشٌّ وخِداعٌ بقصدِ البَيعِ والشِّراءِ، فهَذا مَدخَلٌ للشَّيطانِ يَستمكِنُ فيهِ مِن النُّفوسِ، وقولُه: "وبها يَنصِبُ رايتَه"، إشارةٌ إلى ثُبوتِهِ بالسُّوقِ، واجتِماعِ أعوانِه إلَيهِ للتَّحريشِ بين الناس وحَملِهم على هذِه المفاسدِ".

وقال القرطبي رحمه الله :

"في هذه الأحاديث ما يدل على كراهة دخول الأسواق ، لا سيما في هذه الأزمان التي يخالط فيها الرجال النسوان ، وهكذا قال علماؤنا ، لما كثر الباطل في الأسواق وظهرت فيها المناكر : كره دخولها لأرباب الفضل والمقتدى بهم في الدين ، تنزيها لهم عن البقاع التي يعصى الله فيها ، فحق على من ابتلاه الله بالسوق أن يخطر بباله أنه قد دخل محل الشيطان ومحل جنوده ، وأنه إن أقام هناك هلك ، ومن كانت هذه حاله اقتصر منه على قدر ضرورته ، وتحرز من سوء عاقبته وبليته" انتهى .

📚"الجامع لأحكام القرآن" (13/16) .

وأما قوله تعالى واصفًا الرسل عليهم الصلاة والسلام:
{ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْوَاقِ}[الفرقان:20]. أي: يبتغون من فضل الله فيها بالتجارة والشراء ونحو ذلك ولم يكن من عزمهم دخولها أول الناس

فالمقصود أن دخول السوق لحاجة لا كراهة فيه، أما لغير حاجة فيكره لأن الداخل إليها لا يسلم من رؤية منكر أو سماعه

قال ابن بطال رحمه الله :

"هذا إنما خرج على الأغلب..... ، والأسواق قد غلب عليها اللغط واللهو والاشتغال بجمع المال ، والكَلَب على الدنيا من الوجه المباح وغيره ، وأما إذا ذُكر الله في السوق فهو من أفضل الأعمال" انتهى .

📚"شرح صحيح البخاري" (6/249) .

ويقصد -والله أعلم- فضل الذكر في السوق وأنه أفضل الأعمال حديث النبي ﷺ : " من دخل السوق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة" رواه الترمذي وحسنه الألباني.

فلعل النبي ﷺ نبه على هذا الذكر ليكون شغل من دخل السوق ليطرد الشيطان الذي يخنس إذا ذُكر الله فلا يكون له مدخل يستمكن من ابن آدم لجره إلى الغش والعراك وأكل الربا والنظر إلى النساء....

والله تعالى أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليما كثيرا.

بسام ابو عبدالرحمن غير متواجد حالياً   اقتباس