تفسير القرطبي - سورة التكاثر - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) (التكاثر) mp3
" أَلْهَاكُمْ " شَغَلَكُمْ . قَالَ : فَأَلْهَيْتهَا عَنْ ذِي تَمَائِم مُغْيَل أَيْ شَغَلَكُمْ الْمُبَاهَاة بِكَثْرَةِ الْمَال وَالْعَدَد عَنْ طَاعَة اللَّه , حَتَّى مِتُّمْ وَدُفِنْتُمْ فِي الْمَقَابِر . وَقِيلَ " أَلْهَاكُمْ " : أَنْسَاكُمْ . " التَّكَاثُر " أَيْ مِنْ الْأَمْوَال وَالْأَوْلَاد , قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَالْحَسَن . وَقَالَ قَتَادَة : أَيْ التَّفَاخُر بِالْقَبَائِلِ وَالْعَشَائِر . وَقَالَ الضَّحَّاك : أَيْ أَلْهَاكُمْ التَّشَاغُل بِالْمَعَاشِ وَالتِّجَارَة . يُقَال : لَهِيت عَنْ كَذَا ( بِالْكَسْرِ ) أَلْهَى لُهِيًّا وَلِهْيَانًا : إِذَا سَلَوْت عَنْهُ , وَتَرَكْت ذِكْره , وَأَضْرَبْت عَنْهُ . وَأَلْهَاهُ : أَيْ شَغَلَهُ . وَلَهَّاهُ بِهِ تَلْهِيَة أَيْ عَلَّلَهُ . وَالتَّكَاثُر : الْمُكَاثَرَة . قَالَ مُقَاتِل وَقَتَادَة وَغَيْرهمَا : نَزَلَتْ فِي الْيَهُود حِين قَالُوا : نَحْنُ أَكْثَر مِنْ بَنِي فُلَان , وَبَنُو فُلَان أَكْثَر مِنْ بَنِي فُلَان , أَلْهَاهُمْ ذَلِكَ حَتَّى مَاتُوا ضُلَّالًا . وَقَالَ اِبْن زَيْد : نَزَلَتْ فِي فَخِذ مِنْ الْأَنْصَار . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُقَاتِل وَالْكَلْبِيّ : نَزَلَتْ فِي حَيَّيْنِ مِنْ قُرَيْش : بَنِي عَبْد مَنَاف , وَبَنِي : سَهْم , تَعَادَوْا وَتَكَاثَرُوا بِالسَّادَةِ وَالْأَشْرَاف فِي الْإِسْلَام , فَقَالَ كُلّ حَيّ مِنْهُمْ نَحْنُ أَكْثَر سَيِّدًا , وَأَعَزّ عَزِيزًا , وَأَعْظَم نَفَرًا , وَأَكْثَر عَائِذًا , فَكَثَرَ بَنُو عَبْد مَنَاف سَهْمًا . ثُمَّ تَكَاثَرُوا بِالْأَمْوَاتِ , فَكَثَرَتْهُمْ سَهْم , فَنَزَلَتْ " أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُر " بِأَحْيَائِكُمْ فَلَمْ تَرْضَوْا " حَتَّى زُرْتُمْ الْمَقَابِر " مُفْتَخِرِينَ بِالْأَمْوَاتِ . وَرَوَى سَعِيد عَنْ قَتَادَة قَالَ : كَانُوا يَقُولُونَ نَحْنُ أَكْثَر مِنْ بَنِي فُلَان , وَنَحْنُ أَعَدّ مِنْ بَنِي فُلَان ; وَهُمْ كُلّ يَوْم يَتَسَاقَطُونَ إِلَى آخِرهمْ , وَاَللَّه مَازَالُوا كَذَلِكَ حَتَّى صَارُوا مِنْ أَهْل الْقُبُور كُلّهمْ . وَعَنْ عَمْرو بْن دِينَار : حَلَفَ أَنَّ هَذِهِ السُّورَة نَزَلَتْ فِي التُّجَّار . وَعَنْ شَيْبَان عَنْ قَتَادَة قَالَ : نَزَلَتْ فِي أَهْل الْكِتَاب .

قُلْت : الْآيَة تَعُمّ جَمِيع مَا ذُكِرَ وَغَيْره . وَفِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ مُطَرِّف عَنْ أَبِيهِ قَالَ : أَتَيْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقْرَأ " أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُر " قَالَ : ( يَقُول اِبْن آدَم : مَالِي مَالِي ! وَهَلْ لَك يَا بْن آدَم مِنْ مَالك إِلَّا مَا أَكَلْت فَأَفْنَيْت , أَوْ لَبِسْت فَأَبْلَيْت , أَوْ تَصَدَّقْت فَأَمْضَيْت [ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَذَاهِب وَتَارِكه لِلنَّاسِ ] . وَرَوَى الْبُخَارِيّ عَنْ اِبْن شِهَاب : أَخْبَرَنِي أَنَس بْن مَالِك أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَوْ أَنَّ لِابْنِ آدَم وَادِيًا مِنْ ذَهَب , لَأَحَبَّ أَنْ يَكُون لَهُ وَادِيَانِ , وَلَنْ يَمْلَأ فَاهُ إِلَّا التُّرَاب , وَيَتُوب اللَّه عَلَى مَنْ تَابَ ) . قَالَ ثَابِت عَنْ أَنَس عَنْ أُبَيّ : كُنَّا نَرَى هَذَا مِنْ الْقُرْآن , حَتَّى نَزَلَتْ " أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُر " . قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَهَذَا نَصّ صَحِيح مَلِيح , . غَابَ عَنْ أَهْل التَّفْسِير فَجَهِلُوا وَالْحَمْد لِلَّهِ عَلَى الْمَعْرِفَة . وَقَالَ اِبْن عَبَّاس : قَرَأَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُر " قَالَ : ( تَكَاثُر الْأَمْوَال : جَمْعهَا مِنْ غَيْر حَقّهَا , وَمَنْعهَا مِنْ حَقّهَا , وَشَدّهَا فِي الْأَوْعِيَة ) .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • أعمال القلوب [ الخوف ]

    كم أطلق الخوف من سجين في لذته! وكم فك من أسير للهوى ضاعت فيه همته! وكم أيقظ من غافل التحلف بلحاف شهوته! وكم من عاق لوالديه رده الخوف عن معصيته! وكم من فاجر في لهوه قد أيقظه الخوف من رقدته! وكم من عابدٍ لله قد بكى من خشيته! وكم من منيب إلى الله قطع الخوف مهجته! وكم من مسافر إلى الله رافقه الخوف في رحلته! وكم من محبّ لله ارتوت الأرض من دمعته!. فلله ما أعظم الخوف لمن عرف عظيم منزلته.

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/340014

    التحميل:

  • الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

    لمعة الاعتقاد : رسالة مختصرة للعلامة ابن قدامة المقدسي - رحمه الله - بين فيها عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات، والقدر، واليوم الآخر، وما يجب تجاه الصحابة، والموقف من أهل البدع، وقد قام عدد من أهل العلم بشرحها وبيان معانيها، ومن هؤلاء فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله - في كتابه الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد.

    الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/313420

    التحميل:

  • الموسوعة الفقهية الكويتية

    الموسوعة الفقهية الكويتية: من أكبر الموسوعات الفقهية التي تعرض وتقارن جميع أقوال العلماء في الباب الفقهي الواحد.

    الناشر: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالكويت https://islam.gov.kw/cms

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/191979

    التحميل:

  • وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرها

    وجوب العمل بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم وكفر من أنكرها: هذه الرسالة تبين وجوب العمل بسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وكفر من أنكرها.

    الناشر: موقع الإسلام https://www.al-islam.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/102358

    التحميل:

  • رسالة في أحكام الطهارة

    كتاب الطهارة : رسالة مختصرة للإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - بين فيها أحكام الطهارة.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/264150

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة