تفسير ابن كثر - سورة الفرقان - الآية 1

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَىٰ عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1) (الفرقان) mp3
يَقُول تَعَالَى حَامِدًا لِنَفْسِهِ الْكَرِيمَة عَلَى مَا نَزَّلَهُ عَلَى رَسُوله الْكَرِيم مِنْ الْقُرْآن الْعَظِيم كَمَا قَالَ تَعَالَى " الْحَمْد لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْده الْكِتَاب وَلَمْ يَجْعَل لَهُ عِوَجًا قَيِّمًا لِيُنْذِر بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْه وَيُبَشِّر الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَات " الْآيَة وَقَالَ هَهُنَا " تَبَارَكَ " وَهُوَ تَفَاعُل مِنْ الْبَرَكَة الْمُسْتَقِرَّة الثَّابِتَة الدَّائِمَة " الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَان " نَزَّلَ فِعْل مِنْ التَّكَرُّر وَالتَّكَثُّر كَقَوْلِهِ " وَالْكِتَاب الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُوله وَالْكِتَاب الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْل " لِأَنَّ الْكُتُب الْمُتَقَدِّمَة كَانَتْ تَنْزِل جُمْلَة وَاحِدَة وَالْقُرْآن نَزَلَ مُنَجَّمًا مُفَرَّقًا مُفَصَّلًا آيَات بَعْد آيَات وَأَحْكَامًا بَعْد أَحْكَام وَسُوَرًا بَعْد سُوَر وَهَذَا أَشَدّ وَأَبْلَغ وَأَشَدّ اِعْتِنَاء بِمَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ فِي أَثْنَاء هَذِهِ السُّورَة " وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآن جُمْلَة وَاحِدَة كَذَلِكَ لِنُثَبِّت بِهِ فُؤَادك وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا وَلَا يَأْتُونَك بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاك بِالْحَقِّ وَأَحْسَن تَفْسِيرًا " وَلِهَذَا سَمَّاهُ هَهُنَا الْفُرْقَان لِأَنَّهُ يَفْرُق بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل وَالْهُدَى وَالضَّلَال وَالْغَيّ وَالرَّشَاد وَالْحَلَال وَالْحَرَام وَقَوْله " عَلَى عَبْده " هَذِهِ صِفَة مَدْح وَثَنَاء لِأَنَّهُ أَضَافَهُ إِلَى عُبُودِيَّته كَمَا وَصَفَهُ بِهَا فِي أَشْرَف أَحْوَاله وَهِيَ لَيْلَة الْإِسْرَاء فَقَالَ " سُبْحَان الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا " وَكَمَا وَصَفَهُ بِذَلِكَ فِي مَقَام الدَّعْوَة إِلَيْهِ " وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْد اللَّه يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا " وَكَذَلِكَ وَصَفَهُ عِنْد إِنْزَال الْكِتَاب عَلَيْهِ وَنُزُول الْمَلَك إِلَيْهِ " تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَان عَلَى عَبْده لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا " وَقَوْله " لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا " أَيْ إِنَّمَا خَصَّهُ بِهَذَا الْكِتَاب الْمُفَصَّل الْعَظِيم الْمُبِين الْمُحْكَم الَّذِي " لَا يَأْتِيه الْبَاطِل مِنْ بَيْن يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفه تَنْزِيل مِنْ حَكِيم حَمِيد " الَّذِي جَعَلَهُ فُرْقَانًا عَظِيمًا لِيَخُصّهُ بِالرِّسَالَةِ إِلَى مَنْ يَسْتَظِلّ بِالْخَضْرَاءِ وَيَسْتَقِلّ عَلَى الْغَبْرَاء كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " بُعِثْت إِلَى الْأَحْمَر وَالْأَسْوَد " وَقَالَ " إِنِّي أُعْطِيت خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَد مِنْ الْأَنْبِيَاء قَبْلِي " فَذَكَرَ مِنْهُنَّ " أَنَّهُ كَانَ النَّبِيّ يُبْعَث إِلَى قَوْمه خَاصَّة وَبُعِثْت إِلَى النَّاس عَامَّة " كَمَا قَالَ تَعَالَى " قُلْ يَا أَيّهَا النَّاس إِنِّي رَسُول اللَّه إِلَيْكُمْ جَمِيعًا " الْآيَة أَيْ الَّذِي أَرْسَلَنِي هُوَ مَالِك السَّمَوَات وَالْأَرْض الَّذِي يَقُول لِلشَّيْءِ كُنْ فَيَكُون وَهُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيت .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الضياء اللامع من الخطب الجوامع

    الضياء اللامع من الخطب الجوامع : مجموعة منتقاة من خطبة العلامة محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - يزيد عددها على مئة وربع المئة، وقد تم تقسيمها على تصنيفاتح حتى يسهل على الخطيب الاستفادة منها.

    الناشر: موقع الإسلام https://www.al-islam.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/111042

    التحميل:

  • الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته ودعوته في الرؤية الاستشراقية [ دراسة نقدية ]

    الشيخ محمد بن عبد الوهاب حياته ودعوته في الرؤية الاستشراقية : يتكون هذا الكتاب من ثلاثة فصول: - الفصل الأول " التمهيدي " : دراسة وصفية لأهم مصادر المستشرقين عن حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته. - الفصل الثاني: حياة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وتكوينه العلمي في الرؤية الاستشراقية ونقدها. - الفصل الثالث: دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الرؤية الاستشراقية ونقدها. - قدم له: معالي الشيخ: صالح بن عبد العزيز بن محمد آل الشيخ - حفظه الله -، وزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد.

    الناشر: موقع الإسلام https://www.al-islam.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/144872

    التحميل:

  • الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة

    الدرر المنتقاة من الكلمات الملقاة: يتكون هذا الكتاب من جزئين: الجزء الأول: يحتوي على 150 درسًا يوميًّا للدعاة والخطباء وأئمة المساجد للقراءة على المصلين. الجزء الثاني: يحتوي على 100 درسًا. - قدَّم للكتاب مجموعة من المشايخ، وهم: الشيخ عبد العزيز الراجحي، والشيخ ناصر بن سليمان العمر، والشيخ سعد بن عبد الله الحُميد، والشيخ عبد الله بن عبد الرحمن السعد - حفظهم الله تعالى -.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/197324

    التحميل:

  • تهذيب السيرة النبوية

    تهذيب السيرة النبوية : بين يديك - أخي المسلم - تحفة نفيسة من ذخائر السلف، جادت بها يراع الإمام النووي - رحمه الله - حيث كتب ترجمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - جَمعتْ بين الإيجاز والشمول لشمائله وسيرته - صلى الله عليه وسلم - حيث انتخب من سيرته - صلى الله عليه وسلم - ما يعتبر بحق مدخلاً لدراسة السيرة النبوية؛ بحيث تكون للدارس وطالب العلم قاعدة معرفية، يطلع من خلالها على مجمل حياته - صلى الله عليه وسلم - لينطلِقَ منها إلى الإحاطة بأطراف هذا العلم؛ علم السيرة.

    المدقق/المراجع: خالد بن عبد الرحمن الشايع

    الناشر: موقع البرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة https://www.mercyprophet.org

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/207381

    التحميل:

  • الرزق أبوابه ومفاتحه

    الرزق أبوابه ومفاتحه: فإن الله - عز وجل - قسَّم الأرزاق بعلمه، فأعطى من شاء بحكمته، ومنع من شاء بعدله، وجعل بعض الناس لبعضٍ سخريًّا. ولأن المال أمره عظيم، والسؤال عنه شديد؛ جاءت هذه الرسالة مُبيِّنة أبواب الرزق ومفاتحه، وأهمية اكتساب الرزق الحلال وتجنُّب المال الحرام، والصبر على ضيق الرزق، وغير ذلك من الموضوعات النافعة في هذه الرسالة.

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية https://www.ktibat.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/229614

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة