تفسير ابن كثر - سورة الحجرات - الآية 11

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ ۖ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ ۖ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ ۚ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) (الحجرات) mp3
يَنْهَى تَعَالَى عَنْ السُّخْرِيَة بِالنَّاسِ وَهُوَ اِحْتِقَارُهُمْ وَالِاسْتِهْزَاء بِهِمْ كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيح عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " الْكِبْر بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْصُ النَّاسِ - وَيُرْوَى - وَغَمْط النَّاس " وَالْمُرَاد مِنْ ذَلِكَ اِحْتِقَارهمْ وَاسْتِصْغَارهمْ وَهَذَا حَرَام فَإِنَّهُ قَدْ يَكُون الْمُحْتَقَرُ أَعْظَمَ قَدْرًا عِنْد اللَّه تَعَالَى وَأَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ السَّاخِر مِنْهُ الْمُحْتَقِر لَهُ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ " فَنَصَّ عَلَى نَهْي الرِّجَال وَعَطَفَ بِنَهْيِ النِّسَاء وَقَوْله تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ " أَيْ لَا تَلْمِزُوا النَّاس وَالْهَمَّاز اللَّمَّاز مِنْ الرِّجَال مَذْمُوم مَلْعُون كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ " وَالْهَمْز بِالْفِعْلِ وَاللَّمْز بِالْقَوْلِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ" هَمَّاز مَشَّاء بِنَمِيمٍ " أَيْ يَحْتَقِر النَّاس وَيَهْمِزهُمْ طَاغِيًا عَلَيْهِمْ وَيَمْشِي بَيْنهمْ بِالنَّمِيمَةِ وَهِيَ اللَّمْز بِالْمَقَالِ وَلِهَذَا قَالَ هَهُنَا " وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ" كَمَا قَالَ " وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ " أَيْ لَا يَقْتُل بَعْضكُمْ بَعْضًا قَالَ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَقَتَادَة وَمُقَاتِل بْن حَيَّان " وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسكُمْ " أَيْ لَا يَطْعَن بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض وَقَوْله تَعَالَى " وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ" أَيْ لَا تَدَاعَوْا بِالْأَلْقَابِ وَهِيَ الَّتِي يَسُوء الشَّخْصَ سَمَاعُهَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل حَدَّثَنَا دَاوُدَ بْن أَبِي هِنْد عَنْ الشَّعْبِيّ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو جَبِيرَة بْن الضَّحَّاك قَالَ فِينَا نَزَلَتْ فِي بَنِي سَلَمَة " وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ " قَالَ قَدِمَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة وَلَيْسَ فِينَا رَجُل إِلَّا وَلَهُ اِسْمَانِ أَوْ ثَلَاثَة فَكَانَ إِذَا دَعَا أَحَدًا مِنْهُمْ بِاسْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَسْمَاء قَالُوا يَا رَسُول اللَّه إِنَّهُ يَغْضَب مِنْ هَذَا فَنَزَلَتْ" وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ " وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُوسَى بْن إِسْمَاعِيل عَنْ وَهْب عَنْ دَاوُدَ بِهِ وَقَوْله جَلَّ وَعَلَا " بِئْسَ الِاسْم الْفُسُوق بَعْد الْإِيمَان " أَيْ بِئْسَ الصِّفَة وَالِاسْم الْفُسُوق وَهُوَ التَّنَابُز بِالْأَلْقَابِ كَمَا كَانَ أَهْل الْجَاهِلِيَّة يَتَنَاعَتُونَ بَعْدَمَا دَخَلْتُمْ فِي الْإِسْلَام وَعَقَلْتُمُوهُ " وَمَنْ لَهُ يَتُبْ " أَيْ مِنْ هَذَا" فَأُولَئِكَ هُمْ الظَّالِمُونَ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الرسول المعلم صلى الله عليه وسلم

    الرسول المعلم صلى الله عليه وسلم: هذا الكتاب يعرِض جانبًا من جوانب سيرة النبي المختار - صلى الله عليه وسلم -، وهو الجانب التعليمي؛ حيث ذكر العديد من الوسائل والأساليب التي كان يستخدمها - صلى الله عليه وسلم - في تعليم الدين لأصحابه وتصويب الأخطاء لمن وقعت منه؛ ليكون لنا في ذلك الأسوة والقدوة.

    الناشر: موقع رسول الله https://www.rasoulallah.net

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/333176

    التحميل:

  • شرح ثلاثة الأصول [ آل الشيخ ]

    شرح ثلاثة الأصول : سلسلة مفرغة من الدروس التي ألقاها فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز آل الشيخ - حفظه الله - والثلاثة الأصول وأدلتها هي رسالة مختصرة ونفيسة صنفها الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - تحتوي على الأصول الواجب على الإنسان معرفتها من معرفة العبد ربه, وأنواع العبادة التي أمر الله بها، ومعرفة العبد دينه، ومراتب الدين، وأركان كل مرتبة، ومعرفة النبي - صلى الله عليه وسلم - في نبذة من حياته، والحكمة من بعثته، والإيمان بالبعث والنشور، وركنا التوحيد وهما الكفر بالطاغوت,والإيمان بالله.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/285590

    التحميل:

  • إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد

    إبطال التنديد باختصار شرح كتاب التوحيد : يعتبر كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - من عُمَدِ كتب الاعتقاد في باب توحيد الإلهية في عصره وما بعده إلى عصرنا الحديث, حيث لقي رواجاً وقبولاً كبيراً, وانتفع به مالا يحصيه إلا الله كثرة في العالم أجمع, ومازال العلماء له شارحين ومبينين ومعلمين. وقد كان من بين أفضل شروحه, شرح حفيد المؤلف سليمان بن عبد الله له, إلا إنه لم يتم في كتابه الشهير بـ "تيسير العزيز الحميد " وفي هذا الكتاب الذي بين أيدينا "إبطال التنديد" قام المؤلف - يرحمه الله - بالتعليق على كتاب التوحيد, مكثراً في نقولاته, وعزوه من شرح حفيد المؤلف المذكور قريباً، مع بعض الزيادات. وقد انتهى الشيخ حمد بن عتيق من تأليف هذا الكتاب في اليوم السابع من شهر شوال سنة 1255هـ.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/291873

    التحميل:

  • حسن الخاتمة وسائلها وعلاماتها والتحذير من سوء الخاتمة

    إن نصيب الإنسان من الدنيا عمره، فإن أحسن استغلاله فيما ينفعه في دار القرار ربحت تجارته، وإن أساء استغلاله في المعاصي والسيئات حتى لقي الله على تلك الخاتمة السيئة فهو من الخاسرين، وكم حسرة تحت التراب، والعاقل من حاسب نفسه قبل أن يحاسبه الله، وخاف من ذنوبه قبل أن تكون سببًا في هلاكه.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/324064

    التحميل:

  • قاعدة الإنطلاق وقارب النجاة

    قاعدة الإنطلاق وقارب النجاة : بيان حقيقة الإخلاص، ومنزلته، وثمراته، وعلامات المخلصين، وذكر بعض المسائل المهمة في الإخلاص.

    الناشر: مجلة البيان https://www.albayan-magazine.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/205807

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة