تفسير ابن كثر - سورة آل عمران - الآية 75

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَّا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا ۗ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) (آل عمران) mp3
يُخْبِر تَعَالَى عَنْ الْيَهُود بِأَنَّ مِنْهُمْ الْخَوَنَة وَيُحَذِّر الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الِاغْتِرَار بِهِمْ فَإِنَّ مِنْهُمْ " مَنْ إِنْ تَأْمَنهُ بِقِنْطَارٍ " أَيْ مِنْ الْمَال " يُؤَدِّهِ إِلَيْك " أَيْ وَمَا دُونه بِطَرِيقِ الْأَوْلَى أَنْ يُؤَدِّهِ إِلَيْك " وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إِلَيْك إِلَّا مَا دُمْت عَلَيْهِ قَائِمًا " أَيْ بِالْمُطَالَبَةِ وَالْمُلَازَمَة وَالْإِلْحَاح فِي اِسْتِخْلَاص حَقّك وَإِذَا كَانَ هَذَا صَنِيعه فِي الدِّينَار فَمَا فَوْقه أَوْلَى أَنْ لَا يُؤَدِّيه إِلَيْك . وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَى الْقِنْطَار فِي أَوَّل السُّورَة وَأَمَّا الدِّينَار فَمَعْرُوف . وَقَدْ قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا سَعِيد بْن عَمْرو السَّكُونِيّ حَدَّثَنَا بَقِيَّة عَنْ زِيَاد بْن الْهَيْثَم حَدَّثَنِي مَالِك بْن دِينَار قَالَ : إِنَّمَا سُمِّيَ الدِّينَار لِأَنَّهُ دَيْن وَنَار . وَقِيلَ : مَعْنَاهُ مَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ فَهُوَ دَيْنه . وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقّه فَلَهُ النَّار وَمُنَاسِب أَنْ يَذْكُر هَهُنَا الْحَدِيث الَّذِي عَلَّقَهُ الْبُخَارِيّ فِي غَيْر مَوْضِع مِنْ صَحِيحه وَمِنْ أَحْسَنهَا سِيَاقه فِي كِتَاب الْكَفَالَة حَيْثُ قَالَ : وَقَالَ اللَّيْث حَدَّثَنِي جَعْفَر بْن رَبِيعَة عَنْ عَبْد الرَّحْمَن بْن هُرْمُز الْأَعْرَج عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُ عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيل سَأَلَ بَعْض بَنِي إِسْرَائِيل أَنْ يُسَلِّفهُ أَلْف دِينَار فَقَالَ : اِئْتِنِي بِالشُّهَدَاءِ أُشْهِدهُمْ فَقَالَ : كَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا فَقَالَ : اِئْتِنِي بِالْكَفِيلِ قَالَ : كَفَى بِاَللَّهِ كَفِيلًا قَالَ : صَدَقْت فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى فَخَرَجَ فِي الْبَحْر فَقَضَى حَاجَته ثُمَّ اِلْتَمَسَ مَرْكَبًا يَرْكَبهَا لِيَقْدَم عَلَيْهِ فِي الْأَجَل الَّذِي أَجَّلَهُ فَلَمْ يَجِد مَرْكَبًا فَأَخَذَ خَشَبَة فَنَقَرَهَا فَأَدْخَلَ فِيهَا أَلْف دِينَار وَصَحِيفَة مِنْهُ إِلَى صَاحِبه ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعهَا ثُمَّ أَتَى بِهَا إِلَى الْبَحْر فَقَالَ اللَّهُمَّ إِنَّك تَعْلَم أَنَّى اسْتَسْلَفْتُ فُلَانًا أَلْف دِينَار فَسَأَلَنِي شَهِيدًا فَقُلْت كَفَى بِاَللَّهِ شَهِيدًا وَسَأَلَنِي كَفِيلًا فَقُلْت كَفَى بِاَللَّهِ كَفِيلًا فَرَضِيَ بِك وَإِنِّي جَهَدْت أَنْ أَجِد مَرْكَبًا أَبْعَث إِلَيْهِ الَّذِي لَهُ فَلَمْ أَقْدِر وَإِنِّي اِسْتَوْدَعْتُكَهَا فَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْر حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ ثُمَّ اِنْصَرَفَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يَلْتَمِس مَرْكَبًا يَخْرُج إِلَى بَلَده فَخَرَجَ الرَّجُل الَّذِي كَانَ سَلَّفَهُ لِيَنْظُرَ لَعَلَّ مَرْكَبًا يَجِيئهُ بِمَالِهِ فَإِذَا بِالْخَشَبَةِ الَّتِي فِيهَا الْمَال فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا فَلَمَّا كَسَرَهَا وَجَدَ الْمَال وَالصَّحِيفَة ثُمَّ قَدِمَ الرَّجُل الَّذِي كَانَ تَسَلَّفَ مِنْهُ فَأَتَاهُ بِأَلْفِ دِينَار وَقَالَ : وَاَللَّه مَا زِلْت جَاهِدًا فِي طَلَب مَرْكَب لِآتِيَك بِمَالِك فَمَا وَجَدْت مَرْكَبًا قَبْل الَّذِي أَتَيْت فِيهِ قَالَ : هَلْ كُنْت بَعَثْت إِلَى بِشَيْءٍ ؟ قَالَ : أَلَم أُخْبِرك أَنَّى لَمْ أَجِد مَرْكَبًا قَبْل هَذَا قَالَ : فَإِنَّ اللَّه قَدْ أَدَّى عَنْك الَّذِي بَعَثْت فِي الْخَشَبَة فَانْصَرَفَ بِأَلْفِ دِينَار رَاشِدًا " هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ فِي مَوْضِع مُعَلَّقًا بِصِيغَةِ الْجَزْم وَأَسْنَدَهُ فِي بَعْض الْمَوَاضِع مِنْ الصَّحِيح عَبْد اللَّه بْن صَالِح كَاتِب اللَّيْث عَنْهُ . وَرَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد فِي مُسْنَده هَكَذَا مُطَوَّلًا عَنْ يُونُس بْن مُحَمَّد الْمُؤَدِّب عَنْ اللَّيْث بِهِ . وَرَوَاهُ الْبَزَّار فِي مُسْنَده عَنْ الْحَسَن بْن مُدْرِك عَنْ يَحْيَى بْن حَمَّاد عَنْ أَبِي عَوَانَة عَنْ عُمَر بْن أَبِي سَلَمَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ ثُمَّ قَالَ : لَا يُرْوَى عَنْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْه بِهَذَا الْإِسْنَاد كَذَا قَالَ وَهُوَ خَطَأ لِمَا تَقَدَّمَ وَقَوْله " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيل " أَيْ إِنَّمَا حَمَلَهُمْ عَلَى جُحُود الْحَقّ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : لَيْسَ عَلَيْنَا فِي دِيننَا حَرَج فِي أَكْل أَمْوَال الْأُمِّيِّينَ وَهُمْ الْعَرَب فَإِنَّ اللَّه قَدْ أَحَلَّهَا لَنَا قَالَ اللَّه تَعَالَى " وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّه الْكَذِب وَهُمْ يَعْلَمُونَ " أَيْ وَقَدْ اِخْتَلَقُوا هَذِهِ الْمَقَالَة وَائْتَفَكُوهَا بِهَذِهِ الضَّلَالَة فَإِنَّ اللَّه حَرَّمَ عَلَيْهِمْ أَكْل الْأَمْوَال إِلَّا بِحَقِّهَا وَإِنَّمَا هُمْ قَوْم بُهُتٌ . قَالَ عَبْد الرَّزَّاق أَنْبَأَنَا مَعْمَر عَنْ أَبِي إِسْحَق الْهَمْدَانِيّ عَنْ أَبِي صَعْصَعَة بْن يَزِيد أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ اِبْن عَبَّاس فَقَالَ : إِنَّا نُصِيب فِي الْغَزْو مِنْ أَمْوَال أَهْل الذِّمَّة الدَّجَاجَة وَالشَّاة قَالَ اِبْن عَبَّاس : فَتَقُولُونَ مَاذَا ؟ قَالَ : نَقُول لَيْسَ عَلَيْنَا بِذَلِكَ بَأْس قَالَ : هَذَا كَمَا قَالَ أَهْل الْكِتَاب لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيل إِنَّهُمْ إِذَا أَدَّوْا الْجِزْيَة لَمْ تَحِلَّ لَكُمْ أَمْوَالهمْ إِلَّا بِطِيبِ أَنْفُسهمْ . وَكَذَا رَوَاهُ الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي إِسْحَق بِنَحْوِهِ وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيع الزَّهْرَانِيّ حَدَّثَنَا يَعْقُوب حَدَّثَنَا جَعْفَر عَنْ سَعِيد بْن جُبَيْر قَالَ : لَمَّا قَالَ أَهْل الْكِتَاب لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيل قَالَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " كَذَبَ أَعْدَاء اللَّه مَا مِنْ شَيْء كَانَ فِي الْجَاهِلَة إِلَّا وَهُوَ تَحْت قَدَمَيَّ هَاتَيْنِ إِلَّا الْأَمَانَة فَإِنَّهَا مُؤَدَّاة إِلَى الْبَرّ وَالْفَاجِر " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • كتاب الفضائل

    كتاب الفضائل: هذ الكتاب باب من أبواب كتاب مختصر الفقه الإسلامي، وقد شمل عدة فضائل، مثل فضائل التوحيد، وفضائل الإيمان، وفضائل العبادات، وغيرها من الفضائل.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/380413

    التحميل:

  • بدعة إعادة فهم النص

    إن التلاعب بالنص الشرعي تحريفاً وتأويلاً معركة قديمة جديدة بدأت بذورها في صدر الإسلام الأول واستمرت عبر العصور حتى وصلت إلينا بلباس جديد متحضر يتقمصه فئام من الكتاب والمفكرين تحت شعارات مختلفة ودعوات متباينة يجمعهم هدف واحد هو التطاول على شرع الله - عز وجل -، وتأويل النصوص الشرعية إلى غير ما شرعت له بحجة تجديد الفكر الإسلامي والخطاب الديني .. فجاء هذا الكتاب (بدعة إعادة فهم النص) ليبين أن النصوص التي فهمها الصحابة ومن سار على نهجهم لابد أن يفهمها كل مسلم في كل زمان ومكان؛ فيسلّم للنصوص الشرعية تسليما تامًّا، ولا يُعمل عقله أو فكره في صرفها عن ما جاءت به وله. وبالجملة.. فقد تناول الكتاب عدة نقاط في بيان بدعة إعادة فهم النص، ابتدأها المؤلف بتمهيد يبين فيه نشأة هذه البدعة العظيمة، وكون الخوارج أول من أشعل فتيلها في الأمة، وأنها لا تزال باقية إلى زماننا هذا؛ مع ذكر الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة على ذلك. ثم عرّج المؤلف على ذكر أهمية التسليم للنصوص الشرعية وتلقيها بالقبول؛ مبيّنًا معنى التسليم، وأن المؤمن الحق من يكون كامل الانقياد والإذعان لكلام الله سبحانه وتعالى وسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر على ذلك نماذج عديدة من تسليم سلف الأمة للنصوص الشرعية. وفي المقابل - كما عطف بعد ذلك صاحب الكتاب - يوجد مواقف للمعادين للنصوص الشرعية والمغيّرين لفهمها، وأكبر مثال على ذلك: مانعوا الزكاة في عهد الصديق - رضي الله عنه -، ثم من حذا حذوهم من الباطنية والمعتزلة والفلاسفة وبعض غلاة الصوفية. كما قام المؤلف ببيان خطر الدعوات المنادية بإعادة فهم النص الشرعي، وبيان الأسس التي بنيت عليها هذه الدعوات؛ مشيرًا في عنوان مستقل إلى النتائج الخطيرة للقراءة المعاصرة لنصوص الشرع. ثم ذكر أسلوب أصحاب القراءة الجديدة للنصوص ومصطلحاتهم الغريبة المتشدقة، وشيئاً من طرقهم الشائعة في كتبهم ومصنفاتهم، ثم أصول وقواعد أهل السنة في فهم النصوص، من تمسّك بها لم تزل قدمه أو يضل فهمه، ثم من يُرجع إليه عند اختلاف الأفهام، ومن المؤهل لفهم النصوص الشرعية. واختتم كتابه بتوجيهات عامة في هذا الباب. نسأل الله أن يجزي الكاتب على جهده وبذله لبيان هذه البدعة.

    الناشر: موقع الكتيبات الإسلامية https://www.ktibat.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/315194

    التحميل:

  • طفلك من الثانية إلى العاشرة

    طفلك من الثانية إلى العاشرة: قال الشيخ - حفظه الله - في المقدمة: «نُلاحظ جميعًا تغيرات المراهق في سلوكه ونفسيته بوضوح؛ لأنها حادة وتعاقبها سريع، ولكن قد لا نُلاحظ تغيرات الأطفال قبل المراهقة؛ لأنها تغيرات متباعدة خصوصًا بين الخامسة والعاشرة، ولأنها أيضًا أقل حدة بكثير، هدف هذا اللقاء أن تلاحظ تغيرات أولادك وتتعامل معها بكفاءة وراحة أكبر. ملخص حلقاتنا لابنك وبنتك: تغيرات نفسية وسلوكية متوقعة تحدث بانتظام تغيرات متعاقبة مختلفة انتظرها واكتشفها وتفهمها وتقبلها وكيّف أساليبك التربوية معها، أسعد بصحبتكم الكريمة أينما كنتم على مدى هذه الحلقات نعرض خلالها سمات المراحل العمرية والتعامل المقترح مع ما يرافقها من سلوكيات مزعجة أو قدرات أو احتياجات».

    الناشر: موقع المسلم https://www.almoslim.net

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/337587

    التحميل:

  • نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

    هذا الكتاب يحتوي على بيان كيفية نزول القرآن الكريم والعناية به في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.

    الناشر: موقع الإسلام https://www.al-islam.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/116943

    التحميل:

  • مواقف العلماء عبر العصور في الدعوة إلى الله تعالى

    مواقف العلماء عبر العصور في الدعوة إلى الله تعالى: قال المصنف في المقدمة: «فهذه رسالة مختصرة في «مواقف العلماء في الدعوة إلى الله تعالى عبر العصور»، بيّنتُ فيها نماذج من المواقف المشرّفة في الدعوة إلى الله تعالى».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة https://www.IslamHouse.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/337980

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة