تفسير ابن كثر - سورة آل عمران - الآية 154

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَىٰ طَائِفَةً مِّنكُمْ ۖ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ۖ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الْأَمْرِ مِن شَيْءٍ ۗ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ۗ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لَا يُبْدُونَ لَكَ ۖ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا ۗ قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ۖ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154) (آل عمران) mp3
يَقُول تَعَالَى مُمْتَنًّا عَلَى عِبَاده فِيمَا أَنْزَلَ عَلَيْهِمْ مِنْ السَّكِينَة وَالْأَمَنَة وَهُوَ النُّعَاس الَّذِي غَشِيَهُمْ وَهُمْ مُشْتَمِلُونَ السِّلَاح فِي حَال هَمّهمْ وَغَمّهمْ وَالنُّعَاس فِي مِثْل تِلْكَ الْحَال دَلِيل عَلَى الْأَمَان كَمَا قَالَ فِي سُورَة الْأَنْفَال فِي قِصَّة بَدْر " إِذْ يُغَشِّيكُم النُّعَاس أَمَنَة مِنْهُ " الْآيَة . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيد الْأَشَجّ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْم وَوَكِيع عَنْ سُفْيَان عَنْ عَاصِم عَنْ أَبِي رَزِين عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود قَالَ : النُّعَاس فِي الْقِتَال مِنْ اللَّه وَفِي الصَّلَاة مِنْ الشَّيْطَان وَقَالَ الْبُخَارِيّ وَقَالَ لِي خَلِيفَة حَدَّثَنَا يَزِيد بْن زُرَيْع حَدَّثَنَا سَعِيد عَنْ قَتَادَة عَنْ أَنَس عَنْ أَبِي طَلْحَة قَالَ : كُنْت فِيمَنْ تَغَشَّاهُ النُّعَاس يَوْم أُحُد حَتَّى سَقَطَ سَيْفِي مِنْ يَدِي مِرَارًا يَسْقُط وَآخُذهُ وَيَسْقُط وَآخُذهُ . هَكَذَا رَوَاهُ فِي الْمَغَازِي مُعَلَّقًا وَرَوَاهُ فِي كِتَاب التَّفْسِير مُسْنَدًا عَنْ شَيْبَان عَنْ قَتَادَة عَنْ أَنَس عَنْ أَبِي طَلْحَة قَالَ : غَشِينَا النُّعَاس وَنَحْنُ فِي مَصَافّنَا يَوْم أُحُد قَالَ فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُط مِنْ يَدِي وَآخُذهُ وَيَسْقُط وَآخُذهُ وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم مِنْ حَدِيث حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ ثَابِت عَنْ أَنَس عَنْ أَبِي طَلْحَة قَالَ : رَفَعْت رَأْسِي يَوْم أُحُد وَجَعَلْت أَنْظُر وَمَا مِنْهُمْ يَوْمئِذٍ أَحَد إِلَّا يَمِيل تَحْت جُحْفَته مِنْ النُّعَاس لَفْظ التِّرْمِذِيّ وَقَالَ حَسَن صَحِيح وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ أَيْضًا عَنْ مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى عَنْ خَالِد بْن الْحَارِث عَنْ قُتَيْبَة عَنْ اِبْن أَبِي عَدِيّ كِلَاهُمَا عَنْ حُمَيْد عَنْ أَنَس قَالَ : قَالَ أَبُو طَلْحَة : كُنْت فِيمَنْ أُلْقِيَ عَلَيْهِ النُّعَاس الْحَدِيث وَهَكَذَا رَوَاهُ عَنْ الزُّبَيْر وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف وَقَالَ الْبَيْهَقِيّ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْد اللَّه الْحَافِظ أَخْبَرَنِي أَبُو الْحُسَيْن مُحَمَّد بْن يَعْقُوب حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن إِسْحَق الثَّقَفِيّ حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن الْمُبَارَك الْمَخْزُومِيّ حَدَّثَنَا يُونُس بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا شَيْبَان عَنْ قَتَادَة حَدَّثَنَا أَنَس بْن مَالِك أَنَّ أَبَا طَلْحَة قَالَ : غَشِيَنَا النُّعَاس وَنَحْنُ فِي مَصَافّنَا يَوْم أُحُد فَجَعَلَ سَيْفِي يَسْقُط مِنْ يَدِي وَآخُذهُ وَيَسْقُط وَآخُذهُ قَالَ وَالطَّائِفَة الْأُخْرَى الْمُنَافِقُونَ لَيْسَ لَهُمْ هَمّ إِلَّا أَنْفُسهمْ أَجْبَن قَوْم وَأَرْعَبهُ وَأَخْذَله لِلْحَقِّ " يَظُنُّونَ بِاَللَّهِ غَيْر الْحَقّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّة " أَيْ إِنَّمَا هُمْ أَهْل شَكّ وَرَيْب فِي اللَّه عَزَّ وَجَلَّ هَكَذَا رَوَاهُ بِهَذِهِ الزِّيَادَة وَكَأَنَّهَا مِنْ كَلَام قَتَادَة رَحِمَهُ اللَّه وَهُوَ كَمَا قَالَ اللَّه فَإِنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ يَقُول " ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْد الْغَمّ أَمَنَة نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَة مِنْكُمْ " يَعْنِي أَهْل الْإِيمَان وَالْيَقِين وَالثَّبَات وَالتَّوَكُّل الصَّادِق وَهُمْ الْجَازِمُونَ بِأَنَّ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ سَيَنْصُرُ رَسُوله وَيُنْجِز لَهُ مَأْمُوله وَلِهَذَا قَالَ " وَطَائِفَة قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسهمْ " يَعْنِي لَا يَغْشَاهُمْ النُّعَاس مِنْ الْقَلِق وَالْجَزَع وَالْخَوْف " يَظُنُّونَ بِاَللَّهِ غَيْر الْحَقّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّة " كَمَا قَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى " بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِب الرَّسُول وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلَيْهِمْ أَبَدًا " إِلَى آخِر الْآيَة وَهَكَذَا هَؤُلَاءِ اِعْتَقَدُوا أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا ظَهَرُوا تِلْكَ السَّاعَة أَنَّهَا الْفَيْصَلَة وَأَنَّ الْإِسْلَام قَدْ بَادَ وَأَهْله وَهَذَا شَأْن أَهْل الرَّيْب وَالشَّكّ إِذَا حَصَلَ أَمْر مِنْ الْأُمُور الْفَظِيعَة تَحْصُلُ لَهُمْ هَذِهِ الظُّنُون الشَّنِيعَة ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْهُمْ أَنَّهُمْ " يَقُولُونَ " فِي تِلْكَ الْحَال " هَلْ لَنَا مِنْ الْأَمْر مِنْ شَيْء " فَقَالَ تَعَالَى " قُلْ إِنَّ الْأَمْر كُلّه لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسهمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَك " ثُمَّ فَسَّرَ مَا أَخْفُوهُ فِي أَنْفُسهمْ بِقَوْلِهِ " يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الْأَمْر شَيْء مَا قُتِلْنَا هَهُنَا " أَيْ يُسِرُّونَ هَذِهِ الْمَقَالَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اِبْن إِسْحَق فَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْن عَبَّاد بْن عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر قَالَ : قَالَ الزُّبَيْر : لَقَدْ رَأَيْتنِي مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين اِشْتَدَّ الْخَوْف عَلَيْنَا أَرْسَلَ اللَّه عَلَيْنَا النَّوْم فَمَا مِنَّا مِنْ رَجُل إِلَّا ذَقْنُهُ فِي صَدْره قَالَ فَوَاَللَّهِ إِنِّي لَأَسْمَع قَوْل مُعَتِّب بْن قُشَيْر مَا أَسْمَعهُ إِلَّا كَالْحُلْمِ يَقُول " لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الْأَمْر شَيْء مَا قُتِلْنَا هَهُنَا " فَحَفِظْتهَا مِنْهُ وَفِي ذَلِكَ أَنْزَلَ اللَّه " يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنْ الْأَمْر شَيْء مَا قُتِلْنَا هَهُنَا " لِقَوْلِ مُعَتِّب رَوَاهُ اِبْن أَبِي حَاتِم قَالَ اللَّه تَعَالَى " قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمْ الْقَتْل إِلَى مَضَاجِعهمْ " أَيْ هَذَا قَدَر قَدَّرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ وَحُكْمٌ حَتْمٌ لَا مَحِيد عَنْهُ وَلَا مَنَاص مِنْهُ وَقَوْله " وَلِيَبْتَلِيَ اللَّه مَا فِي صُدُوركُمْ وَلِيُمَحَّص مَا فِي قُلُوبكُمْ " أَيْ يَخْتَبِركُمْ بِمَا جَرَى عَلَيْكُمْ لِيَمِيزَ الْخَبِيث مِنْ الطَّيِّب وَيُظْهِر أَمْر الْمُؤْمِن مِنْ الْمُنَافِق لِلنَّاسِ فِي الْأَقْوَال " وَاَللَّه عَلِيم بِذَاتِ الصُّدُور " أَيْ بِمَا يَخْتَلِج فِي الصُّدُور مِنْ السَّرَائِر وَالضَّمَائِر .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • التوحيد للناشئة والمبتدئين

    التوحيد للناشئة والمبتدئين: فهذا كتاب التوحيد للمرحلة الأولية، وقد روعي فيه عرض أهم مسائل التوحيد مع الإيجاز، ووضوح العبارة بما يناسب تلك المرحلة، وقد حوى جملة من الأدلة على مسائل التوحيد، مع حسن العرض وترتيب المعلومات، وإشارة إلى بعض الجوانب التربوية والسلوكية لتلك المادة. وهذا الكتاب يصلح تدريسه للناشئة والمبتدئين.

    الناشر: موقع الإسلام https://www.al-islam.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/144979

    التحميل:

  • الأسرة السعيدة في ظل تعاليم الإسلام

    الأسرة السعيدة في ظل تعاليم الإسلام: قال المُصنِّف - رحمه الله -: «.. حديثي هنا عن المنهجِ الذي رسَمَه لنا دُستورُنا الإسلاميُّ الحنيفُ عن نظامِ «الأسرة المسلمة السعيدة» في ضوء الكتاب والسنة؛ وذلك لأن الأسرة هي الأمة الصغيرة للمجتمع الكبير، فإذا ما صلحت صلُح المجتمعُ كلُّه، وإذا ما فسَدَت فسدَ المُجتمع أيضًا؛ إذ الأسرةُ مثلَها في ذلك مثل القلبِ بالنسبةِ للإنسان. فمن الأسرة تعلّم الإنسان أفضلَ أخلاقه الاجتماعية، ومنها: تعلُّم الرأفة، والمحبَّة، والحَنان. إذًا فلا بُدَّ أن يكون هناك نظامٌ قائمٌ على الحبِّ، والعطفِ، والتراحُمِ، والتعاوُنِ بين أفراد الأسرة الواحِدة حتى تظلَّ مُتماسِكة فيما بينها، وأفضل نظام في ذلك هو ما تضمَّنَته تعاليمُ الإسلام. وقد رأيتُ أن أُضمِّن كتابي هذا بعضَ الأُسس المُستمدَّة من تعاليم الإسلام، وسمَّيتُه: «الأسرة السعيدة في ظل تعاليم الإسلام»؛ رجاء أن تكون هذه الأُسس نورًا تسيرُ عليه الأسرة المسلمة لتسعَد في حياتها وآخرتها».

    الناشر: موقع الدكتور محمد محيسن https://www.mehesen.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/384407

    التحميل:

  • روح وريحان

    قالت المؤلفة: من خلال اطلاعي على كتب التفسير المختلفة، وأساليب حفظ القرآن الكريم المتنوعة، أدركت أهمية المعنى وترابط الأفكار في السور في تسهيل وتيسير الحفظ ، حيث أن الإنسان يبقى في ذهنه التصور العام للآيات مهما تمادى به الزمن وإن لم يراجعها بإذن الله تعالى، فعكفت على جمع الموضوعات الأساسية لكل سورة على حدة مستعينة بكتب التفاسير القيّمة ، وقمت بصياغتها بشكل متسلسل مترابط على شكل نقاط متتابعة وأفكار متكاملة، تيسيرا على المسلم الباحث عن وسيلة مبسّطة تعينه على الإلمام بجوّ السورة العام في وقت مقتضب، وكذلك لمساعدة طلاب حلقات القرآن الكريم على تثبيت حفظهم للسور بمراجعتهم لأهم موضوعاتها ومعانيها.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/371330

    التحميل:

  • سرعة الضوء في القرآن الكريم

    سرعة الضوء في القرآن الكريم.

    الناشر: الهيئة العالمية للإعجاز العلمي في القرآن والسنة https://www.eajaz.org

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/193678

    التحميل:

  • كتاب العلم

    كتاب العلم : يحتوي على نصائح وتوجيهات في منهجية طلب العلم.

    الناشر: موقع الإسلام https://www.al-islam.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/144939

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة