تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 37

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) (البقرة) mp3
قِيلَ إِنَّ هَذِهِ الْكَلِمَات مُفَسَّرَة بِقَوْلِهِ تَعَالَى : " قَالَا رَبّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِر لَنَا وَتَرْحَمنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ " وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِد وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَأَبِي الْعَالِيَة وَالرَّبِيع بْن أَنَس وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَمُحَمَّد بْن كَعْب الْقُرَظِيّ وَخَالِد بْن مَعْدَان وَعَطَاء الْخُرَاسَانِيّ وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد بْن أَسْلَمَ وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق السَّبِيعِيّ عَنْ رَجُل مِنْ بَنِي تَمِيم قَالَ : أَتَيْت اِبْن عَبَّاس فَسَأَلْته مَا الْكَلِمَات الَّتِي تَلَقَّى آدَم مِنْ رَبّه ؟ قَالَ : عَلِمَ شَأْن الْحَجّ . وَقَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن رَفِيع أَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ عُبَيْد بْن عُمَيْر . وَفِي رِوَايَة قَالَ مُجَاهِد عَنْ عُبَيْد بْن عُمَيْر أَنَّهُ قَالَ : قَالَ آدَم يَا رَبّ خَطِيئَتِي الَّتِي أَخْطَأْت شَيْء كَتَبْته عَلَيَّ قَبْل أَنْ تَخْلُقنِي أَوْ شَيْء اِبْتَدَعْته مِنْ قِبَل نَفْسِي ؟ قَالَ " بَلْ شَيْء كَتَبْته عَلَيْك قَبْل أَنْ أَخْلُقك " قَالَ : فَكَمَا كَتَبْته عَلَيَّ فَاغْفِرْ لِي. قَالَ فَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى " فَتَلَقَّى آدَم مِنْ رَبّه كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ " وَقَالَ السُّدِّيّ عَمَّنْ حَدَّثَهُ عَنْ اِبْن عَبَّاس فَتَلَقَّى آدَم مِنْ رَبّه كَلِمَات قَالَ : قَالَ آدَم عَلَيْهِ السَّلَام : يَا رَبّ أَلَمْ تَخْلُقنِي بِيَدِك ؟ قَالَ لَهُ بَلَى. قَالَ : وَنَفَخْت فِيَّ مِنْ رُوحك ؟ قِيلَ لَهُ بَلَى قَالَ : أَرَأَيْت إِنْ تُبْت هَلْ أَنْتَ رَاجِعِي إِلَى الْجَنَّة ؟ قَالَ نَعَمْ . وَهَكَذَا رَوَاهُ الْعَوْفِيّ وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَسَعِيد بْن مَعْبَد عَنْ اِبْن عَبَّاس بِنَحْوِهِ وَرَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ حَدِيث اِبْن جُبَيْر عَنْ اِبْن عَبَّاس وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ . وَهَكَذَا فَسَّرَهُ السُّدِّيّ وَعَطِيَّة الْعَوْفِيّ. وَقَدْ رَوَى اِبْن أَبِي حَاتِم هَاهُنَا حَدِيثًا شَبِيهًا بِهَذَا فَقَالَ : حَدَّثَنَا عَلِيّ بْن الْحُسَيْن بْن إِشْكَاب حَدَّثَنَا اِبْن عَاصِم عَنْ سَعِيد بْن أَبِي عَرُوبَة عَنْ قَتَادَة عَنْ الْحَسَن عَنْ أُبَيّ بْن كَعْب قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " قَالَ آدَم عَلَيْهِ السَّلَام أَرَأَيْت يَا رَبّ إِنْ تُبْت وَرَجَعْت أَعَائِدِي إِلَى الْجَنَّة ؟ قَالَ نَعَمْ فَذَلِكَ قَوْله " فَتَلَقَّى آدَم مِنْ رَبّه كَلِمَات " وَهَذَا حَدِيث غَرِيب مِنْ هَذَا الْوَجْه وَفِيهِ اِنْقِطَاع : وَقَالَ أَبُو جَعْفَر الرَّازِيّ عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس عَنْ أَبِي الْعَالِيَة فِي قَوْله تَعَالَى : فَتَلَقَّى آدَم مِنْ رَبّه كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ . قَالَ إِنَّ آدَم لَمَّا أَصَابَ الْخَطِيئَة قَالَ أَرَأَيْت إِنْ تُبْت يَا رَبّ وَأَصْلَحْت ؟ قَالَ اللَّه " إِذًا أُدْخِلك الْجَنَّة " فَهِيَ الْكَلِمَات وَمِنْ الْكَلِمَات أَيْضًا " رَبّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِر لَنَا وَتَرْحَمنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ " وَقَالَ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد أَنَّهُ كَانَ يَقُول فِي قَوْل اللَّه تَعَالَى فَتَلَقَّى آدَم مِنْ رَبّه كَلِمَات فَتَابَ عَلَيْهِ . قَالَ الْكَلِمَات : اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانك وَبِحَمْدِك رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي إِنَّك خَيْر الْغَافِرِينَ اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانك وَبِحَمْدِك رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي فَارْحَمْنِي إِنَّك خَيْر الرَّاحِمِينَ اللَّهُمَّ لَا إِلَه إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانك وَبِحَمْدِك رَبّ إِنِّي ظَلَمْت نَفْسِي فَتُبْ عَلَيَّ إِنَّك أَنْتَ التَّوَّاب الرَّحِيم . وَقَوْله تَعَالَى " إِنَّهُ هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيم " أَيْ إِنَّهُ يَتُوب عَلَى مَنْ تَابَ إِلَيْهِ وَأَنَابَ كَقَوْلِهِ " أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّه هُوَ يَقْبَل التَّوْبَة عَنْ عِبَاده " وَقَوْله " وَمَنْ يَعْمَل سُوءًا أَوْ يَظْلِم نَفْسه " الْآيَة وَقَوْله " وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا " إِلَى غَيْر ذَلِكَ مِنْ الْآيَات الدَّالَّة عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى يَغْفِر الذُّنُوب وَيَتُوب عَلَى مَنْ يَتُوب وَهَذَا مِنْ لُطْفه بِخَلْقِهِ وَرَحْمَته بِعَبِيدِهِ لَا إِلَه إِلَّا هُوَ التَّوَّاب الرَّحِيم .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • تراجم لتسعة من الأعلام

    تراجم لتسعة من الأعلام : هذا الكتاب يحتوي على ترجمة لكل واحد من التالية أسماؤهم: 1- العلامة أحمد بن فارس اللغوي. 2- نور الدين محمود الشهيد. 3- شيخ الإسلام أحمد بن تيمية. 4- الشيخ العلامة محمد الخضر حسين. 5- الشيخ العلامة محمد الطاهر بن عاشور. 6- الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي. 7- سماحة الشيخ العلامة عبدالرحمن السعدي. 8- سماحة الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل الشيخ. 9- سماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز - رحمهم الله -.

    الناشر: موقع دعوة الإسلام https://www.toislam.net

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/172586

    التحميل:

  • شرح منهج الحق [ منظومة في العقيدة والأخلاق ]

    شرح منهج الحق [ منظومة في العقيدة والأخلاق ]: قال المُصنِّف - حفظه الله -: «فهذه أبياتٌ عظيمةٌ ومنظومةٌ نافعةٌ للإمام العلامة الفقيه المُفسِّر المُحقِّق عبد الله بن ناصر بن عبد الله بن ناصر ابن سعدي - رحمه الله تعالى وغفر له -، حَوَت خيرًا كثيرًا، وفوائدَ عظيمةً في بيان «المنهج الحق» الذي ينبغي أن يلزَمَه المُسلمُ عقيدةً وعبادةً وخُلُقًا، وقد نظَمَها - رحمه الله - في وقتٍ مُبكِّر من حياته .. وقرَّرَ فيها من المعاني العَظيمة والحقائق الجليلة، والتفاصيل النافعة التي لا غِنَى للمُسلم عنها، ولم يرِد تسميةٌ لها من ناظِمها - رحمه الله -، وإنما أُخِذ هذا الاسمُ من قوله في مُستهلِّها: «فيا سائلاً عن مهجِ الحقِّ»، وقد بدأها - رحمه الله بحثِّ من يرجُو لنفسه السعادةَ وينشُدُ لها الفوزَ في الدنيا والآخرة أن يُحسِنَ التأمُّلَ في مضامينها وما حوَتْه من خيرٍ عظيمٍ».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر https://www.al-badr.net

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/381123

    التحميل:

  • شرح الفتوى الحموية الكبرى [ خالد المصلح ]

    الفتوى الحموية الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى : رسالة عظيمة في تقرير مذهب السلف في صفات الله - جل وعلا - كتبها سنة (698هـ) جواباً لسؤال ورد عليه من حماة هو: « ما قول السادة الفقهاء أئمة الدين في آيات الصفات كقوله تعالى: ﴿ الرحمن على العرش استوى ﴾ وقوله ( ثم استوى على العرش ) وقوله تعالى: ﴿ ثم استوى إلى السماء وهي دخان ﴾ إلى غير ذلك من الآيات، وأحاديث الصفات كقوله - صلى الله عليه وسلم - { إن قلوب بني آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن } وقوله - صلى الله عليه وسلم - { يضع الجبار قدمه في النار } إلى غير ذلك، وما قالت العلماء فيه، وابسطوا القول في ذلك مأجورين إن شاء الله تعالى ».

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/322214

    التحميل:

  • فقه ألفاظ الصلاة

    فقه ألفاظ الصلاة: رسالةٌ صغيرة مؤلَّفة لتكون عونًا للمسلم على تدبُّر ألفاظ الصلاة، وسببًا لإثارة فريضة الخشوع، وسنة التدبُّر.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/278455

    التحميل:

  • صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة

    صفات الله عز وجل الواردة في الكتاب والسنة: وضع المؤلف هذا الكتاب الخاص في ذكر صفات الله - سبحانه وتعالى -، مُستخلِصًا هذه الصفات من كتاب الله تعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -؛ وذلك بالرجوع إلى أقوال العلماء في هذا الموضوع بخصوصه، والأحاديث الواردة في كتب السنة المشهورة؛ كالصحيحين، والكتب الأربعة، والمسند، وغيرها.

    الناشر: موقع الدرر السنية https://www.dorar.net

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/335499

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة