تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 260

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ۖ قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا ۚ وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (260) (البقرة) mp3
ذَكَرُوا لِسُؤَالِ إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام أَسْبَابًا مِنْهَا أَنَّهُ لَمَّا قَالَ لِنُمْرُودَ " رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيت " أَحَبَّ أَنْ يَتَرَقَّى مِنْ عِلْم الْيَقِين بِذَلِكَ إِلَى عَيْن الْيَقِين وَأَنْ يَرَى ذَلِكَ مُشَاهَدَة فَقَالَ " رَبِّ أَرِنِي كَيْف تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي " فَأَمَّا الْحَدِيث الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيّ عِنْد هَذِهِ الْآيَة حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن صَالِح حَدَّثَنَا اِبْن وَهْب أَخْبَرَنِي يُونُس عَنْ اِبْن شِهَاب عَنْ أَبِي سَلَمَة وَسَعِيد عَنْ أَبِي هُرَيْرَة - رَضِيَ اللَّه عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه - صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْنُ أَحَقّ بِالشَّكِّ مِنْ إِبْرَاهِيم إِذْ قَالَ رَبِّ أَرِنِي كَيْف تُحْيِ الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنّ قَلْبِي وَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِم عَنْ حَرْمَلَة بْن يَحْيَى عَنْ وَهْب بِهِ فَلَيْسَ الْمُرَاد هَاهُنَا بِالشَّكِّ مَا قَدْ يَفْهَمهُ مَنْ لَا عِلْم عِنْده بِلَا خِلَاف وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذَا الْحَدِيث بِأَجْوِبَةٍ أَحَدهَا . وَقَوْله " قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَة مِنْ الطَّيْر فَصُرْهُنَّ إِلَيْك " اِخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَة مَا هِيَ وَإِنْ كَانَ لَا طَائِل تَحْت تَعْيِينهَا إِذْ لَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ مُهِمّ لَنَصَّ عَلَيْهِ الْقُرْآن فَرُوِيَ عَنْ اِبْن عَبَّاس أَنَّهُ قَالَ هِيَ الْغُرْنُوق وَالطَّاوُس وَالدِّيك وَالْحَمَامَة وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ أَخَذَ وَزًّا وَرَأْلًا وَهُوَ فَرْخ النَّعَام وَدِيكًا وَطَاوُسًا وَقَالَ : مُجَاهِد وَعِكْرِمَة كَانَتْ حَمَامَة وَدِيكًا وَطَاوُسًا وَغُرَابًا وَقَوْله " فَصُرْهُنَّ إِلَيْك " أَيْ وَقَطِّعْهُنَّ قَالَهُ اِبْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بْن جُبَيْر وَأَبُو مَالِك وَأَبُو الْأَسْوَد الدُّؤَلِيّ وَوَهْب بْن مُنَبِّه وَالْحَسَن وَالسُّدِّيّ وَغَيْرهمْ وَقَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس " فَصُرْهُنَّ إِلَيْك " أَوْثِقْهُنَّ فَلَمَّا أَوْثَقَهُنَّ ذَبَحَهُنَّ ثُمَّ جَعَلَ عَلَى كُلّ جَبَل مِنْهُنَّ جُزْءًا فَذَكَرُوا أَنَّهُ عَمَدَ إِلَى أَرْبَعَة مِنْ الطَّيْر فَذَبَحَهُنَّ ثُمَّ قَطَّعَهُنَّ وَنَتَفَ رِيشهنَّ وَمَزَّقَهُنَّ وَخَلَطَ بَعْضهنَّ بِبَعْضٍ ثُمَّ جَزَّأَهُنَّ أَجْزَاء وَجَعَلَ عَلَى كُلّ جَبَل مِنْهُنَّ جُزْءًا قِيلَ أَرْبَعَة أَجْبُل وَقِيلَ سَبْعَة قَالَ اِبْن عَبَّاس : وَأَخَذَ رُءُوسهنَّ بِيَدِهِ ثُمَّ أَمَرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَدْعُوهُنَّ فَدَعَاهُنَّ كَمَا أَمَرَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فَجَعَلَ يَنْظُر إِلَى الرِّيش يَطِير إِلَى الرِّيش وَالدَّم إِلَى الدَّم وَاللَّحْم إِلَى اللَّحْم وَالْأَجْزَاء مِنْ كُلّ طَائِر يَتَّصِل بَعْضهَا إِلَى بَعْض حَتَّى قَامَ كُلّ طَائِر عَلَى حِدَته وَأَتَيْنَهُ يَمْشِينَ سَعْيًا لِيَكُونَ أَبْلَغ لَهُ فِي الرُّؤْيَة الَّتِي سَأَلَهَا وَجَعَلَ كُلّ طَائِر يَجِيء لِيَأْخُذ رَأْسه الَّذِي فِي يَد إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام فَإِذَا قَدَّمَ لَهُ غَيْر رَأْسه يَأْبَاهُ فَإِذَا قَدَّمَ إِلَيْهِ رَأْسه تَرَكَّبَ مَعَ بَقِيَّة جَسَده بِحَوْلِ اللَّه وَقُوَّته وَلِهَذَا قَالَ " وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ " أَيْ عَزِيز لَا يَغْلِبهُ شَيْء وَلَا يَمْتَنِع مِنْهُ شَيْء وَمَا شَاءَ كَانَ بِلَا مُمَانِع لِأَنَّهُ الْقَاهِر لِكُلِّ شَيْء حَكِيم فِي أَقْوَاله وَأَفْعَاله وَشَرْعه وَقَدَره وَقَالَ عَبْد الرَّزَّاق : أَخْبَرَنَا مَعْمَر عَنْ أَيُّوب فِي قَوْله " وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي " قَالَ : قَالَ اِبْن عَبَّاس : مَا فِي الْقُرْآن آيَة أَرْجَى عِنْدِي مِنْهَا وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن جَعْفَر حَدَّثَنَا شُعْبَة سَمِعْت زَيْد بْن عَلِيّ يُحَدِّث عَنْ رَجُل عَنْ سَعِيد بْن الْمُسَيِّب قَالَ : اِتَّفَقَ عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص أَنْ يَجْتَمِعَا قَالَ : وَنَحْنُ شَبَبَة فَقَالَ أَحَدهمَا لِصَاحِبِهِ أَيّ آيَة فِي كِتَاب اللَّه أَرْجَى عِنْدك لِهَذِهِ الْأُمَّة فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو قَوْل اللَّه تَعَالَى " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَة اللَّه إِنَّ اللَّهَ يَغْفِر الذُّنُوب جَمِيعًا " الْآيَة فَقَالَ اِبْن عَبَّاس أَمَا إِنْ كُنْت تَقُول هَذَا فَأَنَا أَقُول أَرْجَى مِنْهَا لِهَذِهِ الْأُمَّة قَوْل إِبْرَاهِيم " رَبّ أَرِنِي كَيْف تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي " وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : أَخْبَرَنَا أَبِي حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن صَالِح كَاتِب اللَّيْث حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن أَبِي سَلَمَة عَنْ عَمْرو حَدَّثَنِي اِبْن الْمُنْكَدِر أَنَّهُ قَالَ : اِلْتَقَى عَبْد اللَّه بْن عَبَّاس وَعَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاص فَقَالَ اِبْن عَبَّاس لِابْنِ عَمْرو بْن الْعَاص أَيّ آيَة فِي الْقُرْآن أَرْجَى عِنْدك ؟ فَقَالَ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو : قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسهمْ لَا تَقْنَطُوا " الْآيَة فَقَالَ اِبْن عَبَّاس : لَكِنْ أَنَا أَقُول قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيم رَبّ أَرِنِي كَيْف تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى " فَرَضِيَ مِنْ إِبْرَاهِيم قَوْله " بَلَى " قَالَ فَهَذَا لِمَا يَعْتَرِض فِي النُّفُوس وَيُوَسْوِس بِهِ الشَّيْطَان وَهَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِم فِي الْمُسْتَدْرَك عَنْ أَبِي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بْن يَعْقُوب بْن الْأَحْزَم بْن إِبْرَاهِيم بْن عَبْد اللَّه السَّعْدِيّ عَنْ بِشْر بْن عُمَر الزُّهْرَانِيّ عَنْ عَبْد الْعَزِيز بْن أَبِي سَلَمَة بِإِسْنَادِهِ مِثْله ثُمَّ قَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • بحوث ندوة أثر القرآن في تحقيق الوسطية ودفع الغلو

    بحوث ندوة أثر القرآن في تحقيق الوسطية ودفع الغلو : هذه الندوة شارك فيها نخبة كبيرة من العلماء والدعاة، وتحتوي على أربعة محاور: المحور الأول: الوسطية والاعتدال في القرآن والسنة. المحور الثاني: دلالة القرآن على سماحة الإسلام ويسره. المحور الثالث: الغلو: مظاهره وأسبابه. المحور الرابع: استثمار تعليم القرآن الكريم في ترسيخ الوسطية ومعالجة الغلو.

    الناشر: موقع الإسلام https://www.al-islam.com

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/144862

    التحميل:

  • مظاهر التشبه بالكفار في العصر الحديث وأثرها على المسلمين

    فإن الله - عز وجل - لما أمر المؤمنين بالدعاء وطلبِ الثبات على الصراط المستقيم حذَّرَهم عن سبيل المشـركين فقال - عز وجل -: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}، فمن أهم مقتضيات الصراط المستقيم: البعد عن سبيل المشـركين.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/260201

    التحميل:

  • فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى

    فائدة جليلة في قواعد الأسماء الحسنى: هذا جزء مشتمل على أصول عظيمة وقواعد مهمة في فقه الأسماء الحسنى، مستمدة من الاستقراء للكتاب والسنة، تُعينُ مُطالِعها على فهم أسماء الله الحسنى فهمًا صحيحًا سليمًا بعيدًا عن مخالفات أهل البدع والأهواء. وأصله «فائدةٌ جليلةٌ» أودعها الإمام ابن قيم الجوزية - رحمه الله - كتابه: «بدائع الفوائد».

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر https://www.al-badr.net

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/348311

    التحميل:

  • ملخص فقه الصوم

    يحتوي ملخص فقه الصوم على أغلب المسائل التي يحتاج إليها الصائم، بالإضافة إلى بعض الأحكام المتعلقة بشهر رمضان، كصلاة التراويح والإعتكاف.

    الناشر: موقع الدرر السنية https://www.dorar.net

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/364380

    التحميل:

  • الرحمة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم

    الرحمة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم: هذا البحث الذي بين أيدينا يتناول موضوعًا من أهم الموضوعات التي نحتاج إليها في زماننا هذا، بل وفي كل الأزمنة، فالرحمة خُلُق أساس في سعادة الأمم، وفي استقرار النفوس، وفي أمان الدنيا، فإذا كان الموضوع خاصًا بالرحمة في حياة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فإنه يكتسب أهمية خاصة، وذلك لكون البحث يناقش أرقى وأعلى مستوى في الرحمة عرفته البشرية، وهي الرحمة التي جعلها الله - عز وجل - مقياسًا للناس.

    الناشر: موقع البرنامج العالمي للتعريف بنبي الرحمة https://www.mercyprophet.org

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/346603

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة