تفسير ابن كثر - سورة النحل - الآية 78

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَاللَّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ ۙ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (78) (النحل) mp3
ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى مِنَّته عَلَى عِبَاده فِي إِخْرَاجه إِيَّاهُمْ مِنْ بُطُون أُمَّهَاتهمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا ثُمَّ بَعْد هَذَا يَرْزُقهُمْ السَّمْع الَّذِي يُدْرِكُونَ الْأَصْوَات وَالْأَبْصَار الَّتِي بِهَا يُحِسُّونَ الْمَرْئِيَّات وَالْأَفْئِدَة وَهِيَ الْعُقُول الَّتِي مَرْكَزهَا الْقَلْب عَلَى الصَّحِيح وَقِيلَ الدِّمَاغ وَالْعَقْل بِهِ يُمَيِّز بَيْن الْأَشْيَاء ضَارّهَا وَنَافِعهَا وَهَذِهِ الْقُوَى وَالْحَوَاسّ تَحْصُل لِلْإِنْسَانِ عَلَى التَّدْرِيج قَلِيلًا قَلِيلًا كُلَّمَا كَبِرَ زِيدَ فِي سَمْعه وَبَصَره وَعَقْله حَتَّى يَبْلُغ أَشَدّه . وَإِنَّمَا جَعَلَ تَعَالَى هَذِهِ فِي الْإِنْسَان لِيَتَمَكَّن بِهَا مِنْ عِبَادَة رَبّه تَعَالَى فَيَسْتَعِين بِكُلِّ جَارِحَة وَعُضْو وَقُوَّة عَلَى طَاعَة مَوْلَاهُ كَمَا جَاءَ فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ" يَقُول تَعَالَى مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْحَرْبِ ; وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَفْضَل مِنْ أَدَاء مَا اِفْتَرَضْت عَلَيْهِ وَلَا يَزَال عَبْدِي يَتَقَرَّب إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبّهُ فَإِذَا أَحْبَبْته كُنْت سَمْعه الَّذِي يَسْمَع بِهِ وَبَصَره الَّذِي يُبْصِر بِهِ وَيَده الَّتِي يَبْطِش بِهَا وَرِجْله الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَلَئِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ دَعَانِي لَأُجِيبَنَّهُ وَلَئِنْ اِسْتَعَاذَ بِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْت فِي شَيْء أَنَا فَاعِله تَرَدُّدِي فِي قَبْض نَفْس عَبْدِي الْمُؤْمِن يَكْرَه الْمَوْت وَأَكْرَه مُسَاءَته وَلَا بُدّ لَهُ مِنْهُ " . فَمَعْنَى الْحَدِيث أَنَّ الْعَبْد إِذَا أَخْلَصَ الطَّاعَة صَارَتْ أَفْعَاله كُلّهَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَا يَسْمَع إِلَّا لِلَّهِ وَلَا يُبْصِر إِلَّا لِلَّهِ أَيْ مَا شَرَعَهُ اللَّه لَهُ وَلَا يَبْطِش وَلَا يَمْشِي إِلَّا فِي طَاعَة اللَّه عَزَّ وَجَلَّ مُسْتَعِينًا بِاَللَّهِ فِي ذَلِكَ كُلّه وَلِهَذَا جَاءَ فِي بَعْض رِوَايَة الْحَدِيث فِي غَيْر الصَّحِيح بَعْد قَوْله وَرِجْله الَّتِي يَمْشِي بِهَا " فَبِي يَسْمَع وَبِي يُبْصِر وَبِي يَبْطِش وَبِي يَمْشِي " . وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْع وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " كَقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى " قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمْ السَّمْع وَالْأَبْصَار وَالْأَفْئِدَة قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ قُلْ هُوَ الَّذِي ذَرَأَكُمْ فِي الْأَرْض وَإِلَيْهِ تُحْشَرُونَ " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • متن تحفة الأطفال

    تحفة الأطفال والغلمان في تجويد كلمات القرآن: منظومة شعرية في تجويد الكلمات القرآنية، اختصت بأحكام النون الساكنة والتنوين والمدود, بأسلوب مبسط للطلبة المبتدئين في علم التجويد من تأليف الشيخ سليمان الجمزوري - رحمه الله -.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/2101

    التحميل:

  • نصيحة جامعة لعموم أهل الإسلام والإيمان

    نصيحة جامعة لعموم أهل الإسلام والإيمان: يحتوي الكتاب على بعض الأبواب منها وجوب المحافظة على الصلاة وبعض آدابها، خُلُق المسلم، اجتناب الفَواحِش، آفات اللسِان.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/2579

    التحميل:

  • عقيدة أهل السنة والجماعة

    عقيدة أهل السنة والجماعة: تشتمل هذه الرسالة على بيان عقيدة أهل السنة والجماعة في باب توحيد الله وأسمائه وصفاته، وفي أبواب الإِيمان بالملائكة، والكتب، والرسل، واليوم الآخر، والقدَر خيره وشره.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بحي سلطانة بالرياض

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/1874

    التحميل:

  • الخطب المنبرية

    الخطب المنبرية : مجموعة من الخطب ألقاها الشيخ - أثابه الله - في المسجد النبوي الشريف.

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/203874

    التحميل:

  • المجروحين

    المجروحين: أحد كتب الجرح صنفها الحافظ ابن حبان - رحمه الله -.

    الناشر: موقع أم الكتاب https://www.omelketab.net

    المصدر: https://www.islamhouse.com/p/141418

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة